﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ١٩٠]، وهؤلاء ليسوا ممن يقاتل، فوجب الكفُّ عنهم، وكان القتل اعتداءً فيهم.
وما خرَّجه البخاري ومسلم، عن ابن عمر قال: وُجِدت امرأةٌ مقتولة في بعض مغازي رسول الله ﷺ، فنهى رسول الله ﷺ عن قتل النِّساء والصبيان (١) . ولا خلاف -أيضًا- فيه.
وأما المختلف فيه فأشياء؛ منها: قتلُ الرهبان والعُسَفاء ونحوهم، ممن ليسوا بصدد القتال، ومنها: قتل المرأة والصبي إذا قاتلا، ومنها: رمي الحصون بالمجانيق والنار، وفيهم النِّساءُ والصبيانُ وأسرى المسلمين، ومنها: القتل بغير السلاح، كالتحريق بالنار وشَبهه من ضروب القتل المعذّبة، ومنها: تحريقُ الديار
وتخريبها، وتحريق الزرع والأشجار وقطعها، وقتلُ البهائم والحيوان.
ونحن -إن شاء الله- نفصِّل الكلام في ذلك مسألةً مسألةً، ونشير إلى أدلة المذاهب وسبب الخلاف، والتنبيه على ما يظهر لنا أنه الأرجح، على حسب ما شرطناه، بحول الله -تعالى-.
فصلٌ
اختلفوا في قتل الرهبان والعُسَفاء ونحوهم، ممن لايتعرّض مثلهم للقتال، فذهب الشافعيُّ (٢) -في أصح قوليه- إلى جواز قتل الجميع، وعليه يجيء مذهب
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب قتل النساء في الحرب) (رقم ٣٠١٥) . و(باب قتل الصبيان في الحرب) (رقم ٣٠١٤) . ومسلم في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب) (١٧٤٤) (٢٤ و٢٥) .
(٢) انظر: «الأم» (٧/٣٥٠)، «مختصر المزني» (٢٧٢)، «الوجيز» (٢/١٨٩)، «الإقناع» (١٧٦)، «مختصر الخلافيات» (٥/٤٧ رقم ٣١٤)، «مغني المحتاج» (٤/٢٢٢-٢٢٣)، «نهاية المحتاج» (٨/ ٦٤)، «روضة الطالبين» (١٠/٢٤٣)، «المهذب» (٢/٢٩٩)، «المجموع» (٢١/١٥٤-١٥٥)، «حلية العلماء» (٧/٦٥٠)، «الأحكام السلطانية» للماوردي (٤١) .