الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير
الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير
Жанры
ووافق الخطيب في استنباط هذا الحكم من الآية: الرازي، والبيضاوي، وابن العربي، والسيوطي، والسعدي، وغيرهم. (^١)
وفي معنى هذه الآية خلاف بين المفسرين، فحمل بعضهم الآية على ظاهرها، وقال المراد: إلا أن تكونوا مسافرين ولا تجدون الماء فتيمموا، فمُنع الجنب من الصلاة حتى يغتسل إلا أن يكون في سفر ولا يجد ماء فيصلي بالتيمم. (^٢)
وقال آخرون: بل المراد من الصلاة مواضع الصلاة وهي المساجد (^٣)، كقوله تعالى: ﴿وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ﴾ [الحج: ٤٠] ومعناه: لا تقربوا المسجد وأنتم جنب إلا مجتازين فيه للخروج منه، ولا يقيم (^٤). (^٥)
قال الطبري بعد حكايته لهذين القولين: (والأولى قول من قال: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ إلا مجتازي طريق فيه. وذلك أنه قد بيَّن حكم المسافر إذا عُدم الماء وهو جُنب في قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] إلى آخره. فكان معلومًا بذلك أن قوله: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ لو كان معنيًا به المسافر، لم يكن لإعادة ذكره في
(^١) ينظر: أنوار التنزيل (٢/ ٧٦)، وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٥٦)، والإكليل (١/ ٩٣)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ١٧٩)
(^٢) وهذا قول علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد ﵃ وإليه ذهب أبو حنيفة. ينظر: زاد المسير (١/ ٤٠٩)، وينظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ١٦٩).
(^٣) ينظر: جامع البيان (٨/ ٣٨٤)، وتفسير القرآن للسمرقندي (١/ ٣٠٥)، والتفسير الكبير (١٠/ ٨٦)، وتفسير القرآن العظيم (٢/ ٣١٣)
(^٤) وهذا قول ابن مسعود وسعيد بن المسيب والضحاك والحسن وعكرمة والنخعي والزهري. ينظر: النكت والعيون (١/ ٤٩٠).
(^٥) ينظر: معالم التنزيل للبغوي (١/ ٦٢٧).
1 / 298