242

الآية.

وإخال أن الجواب عنه سهل جدا ، نظرا الى ما جاء في الكتاب المنير من استطراد آيات الأنبياء والرسل ، فإنك اذا نظرت الى آية موسى وهي اليد البيضاء والعصا ، وآية عيسى وهي إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وخلق الطير ، وآية محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهي القرآن نفسه ، لعرفت أن آيات الأنبياء ما يعجز البشر بما هو بشر وبما له من علم وقوة عن الإتيان بمثلها ، ومن الذي يقدر بعلمه وقوته وقدرته أن يجعل النار بردا وسلاما ، ويقطع الطير أجزاء ويفرقها على الجبال فيدعوها فتأتي إليه فتأتلف بيده بعد ما كانت أجزاء متفرقة ويجعل يده بيضاء من غير سوء متى أراد ، وعصاه حية تسعى تلقف ما يأفك الساحرون ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى ، ويجعل من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا ، ويجاري القرآن في خصوصياته أجمع ، الى غير ذلك من آيات الأنبياء التي نطق بها القرآن الحكيم.

وبذلك تعرف الفارق بين المعجزة والسحر ، وبينها وبين هذه الصناعة في هذا العصر ، لأن المعجزة ما جرت على غير النواميس الطبيعية ، غير أن الشيء المعجز لا بد أن يكون في نفسه ممكنا ذاتيا لأن المحال لا يقع ، ولا تجري المعجزة إلا على أيدي أفذاذ من البشر عند الدعوة إليه تعالى ، والدلالة عليه سبحانه ، لأن المفروض أنها فوق مستوى قدرة البشر فلا تكون إلا من موهبة من الله تعالى يمنحها من يشاء من عباده المقربين.

وأما السحر فإنما هو فن يقوى عليه كل أحد اذا تعلمه إذ هو تخييل وتضليل ، وليس له واقع وحقيقة.

وأما الصناعة فإنما هي أيضا علم تجري على النواميس الطبيعية ، يقوى عليها من تعلمها ، ويعرف طبائع الأشياء وتركيبها.

Страница 245