عليهم السلام (1).
وهذه الهيبة التي أحسها هشام يوم كان جهميا كان يحسها يوم كان إماميا وكانت بين هشام وبين عمرو بن عبيد مناظرة في الإمامة ، وقد قصد هشام عمروا الى البصرة ، فسأله الإمام عما كان بينهما ليحكي له ما كان ، فقال هشام : يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني أجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك (2).
وهذا ابن أبي العوجاء مع إلحاده كان أحيانا يحجم عن مناظرة الصادق عليه السلام لتلك الهيبة ، فإنه حضر يوما لمناظرة الصادق ولكنه بعد أن جلس سكت ، فقال له الصادق : فما يمنعك من الكلام؟ قال : إجلال لك ومهابة ، ما ينطق لساني بين يديك ، فإني شاهدت العلماء ، وناظرت المتكلمين فما تداخلني هيبة قط مثلما تداخلني من هيبتك (3).
على أن الصادق عليه السلام كان بين أصحابه وجلسائه كواحد منهم لا يتظاهر بالعظمة وحشمة الإمامة ، وينبسط لهم بالكلام ، ويجلس معهم على المائدة ، ويؤنسهم بالحديث ، ويحثهم على زيادة الأكل ، لئلا تمنعهم الهيبة من الانبساط على المائدة واكل ما يشتهونه ، غير أن تلك الهيبة التي كانت شعاره من الهيبة الذاتية التي تمنع العيون من ملاحظته والألسنة من الانطلاق بين يديه ولم يكن محاطا بخدم ولا حجاب.
Страница 238