سكت الجميع فقلت: موافقة بس لي شرط، ماتمنعنيش عن شغلي. - وأمنعك ليه، أنا معظم الوقت بره البيت، يبقى انتي لازم تملي فراغك بحاجة تحبيها، بس في حالة وجود أطفال أتمنى تتفرغي لهم.
احمرت وجنتاي خجلا، فقالت أمي: على بركة الله.
فقال سليم: وبالنسبة للعفش والشبكة. - أنا محوش قرشين، وتعالوا شوفوا الشقة، وشوفوا هتعملوا إيه فيها.
اتفقنا على كل التفاصيل وقرأنا الفاتحة، وحددنا الأسبوع المقبل موعدا للخطبة التي ستقتصر على الأهل فقط.
لا أعرف لم هي دونا عن غيرها التي جذبتني إليها، وشعرت أني أرغب أن أكمل حياتي معها، فهي ليست أجمل من قابلت ولا أكثرهم ثراء، لكن بها شيئا يجعل قلبي سعيدا عندما يراها، وأستمتع بالحديث معها ولا أريده أن ينتهي، كما أني أتلهف لرؤيتها بل كنت أخترع الأسباب لأراها وأبدل وردياتي لأكون بجوارها أطول وقت ممكن، هل هذا هو الحب الذي طالما خفت أن أقع في شباكه طالما حلمت به؟ لا أعلم، لكني سعيد بأنها صارت لي وبعد خطوات ستكون معي للأبد. أفقت من أفكاري على اتصال من دكتور إيهاب الذي قال: شفت إيه اللي حصل؟ - لو خبر حلو قول، لو وحش لأ عشان ماتبوظش مزاجي. - نهلة. - مالها؟ - نتايج العينة بتاعتها كان فيها لخبطة وجاتلي دلوقتي النتيجة السليمة. - اتكلم على طول فيها إيه؟ - ورم.
سكت للحظات وقد أصابتني صدمة، ثم تمالكت نفسي وقلت: وقلت لها؟ - لأ أنا باقولك أنت، بس ... - اتكلم فيه إيه تاني. - مالك عصبي ليه، هي تهمك للدرجة دي؟ - أنا لسه قاري فاتحتها. - يا خاين من ورايا، طب وهتعمل إيه دلوقتي؟ - ولا حاجة، هاكمل الجواز، ولما تبقى مراتي أبقى أعرف أعالجها وهتكون تحت رعايتي. - وعليك من دا كله بإيه؟ ما تسيبها وتتجوز واحدة سليمة. - إنت يا دكتور اللي بتقول كده؟ ومين فينا ضامن إنه يفضل سليم؟ ومين فينا أصلا ضامن عمره؟ - دا انت غرقان لشوشتك يا عم، طيب عموما أنا عرفت إنك خطبتها من سليم وحبيت أباركلك وأطمنك إنه ورم حميد. - تصدق إنك بارد وتستاهل اللي مراتك وحماتك بيعملوه فيك. - حرام عليك دا أنا غلبان، عموما ألف مبروك وربنا يسعدك.
أدركت بعد تلك المحادثة أن ما أشعر به ليس إعجابا فقط، بل هو أكبر من ذلك، فخوفي عليها ورعبي من فقدها جعلاني أدرك كم هي مهمه في حياتي.
الحب الحقيقي
تمت الخطبة في حفل عائلي بسيط، وبعدها بدأنا تجهيز شقة الزوجية واتفقنا من البداية على تجهيز غرفة النوم والصالة بأثاث جديد، بينما سنكتفي بإعادة طلاء غرفتي المكتب والغرفة التي سنخصصها للأطفال، وسيحتفظ بمكتبه القديم، بينما غرفة الأطفال سنضع بها أثاث غرفته القديم حتى يرزقنا الله بأطفال، وذلك توفيرا للنفقات. ورغم وجود الكثير من أثاث شقتي السابقة في شقة خالي المغلقة إلا أني لم أستخدمه، بل أصررت على بيعه كله وشراء أثاث جديد يناسب حياتي الجديدة. استنفد كل ذلك مدخرات نادر، فاضطررنا لتأجيل الزواج خاصة بعد أن رفض أية مساعدة بأي شكل من أي أحد، وخاصة أنا، وعندما عرف خاله بتأجيل موعد الزفاف - الذي أصر على حضوره - بسبب نفاد مدخراته أرسل له مبلغا كبيرا وقال له إن تلك هدية زواجه، فهو مثل أبنائه، فقبله نادر شاكرا. انتهينا من تجهيز الشقة وحددنا موعد الزفاف، وحضر خاله وهنأنا ودعانا لزيارته لقضاء شهر العسل، وأهدانا طارق زوج أختي تذكرتي سفر مجانا لأي مكان في العالم في أي وقت، فقال لي نادر: تسافري؟ - لو تحب. - أحب، بس الشهر دا عندي شغل مهم، هتزعلي لو أجلناه شوية؟ - لأ، زي ما تحب.
بدأت حياتي معه وأنا أشعر بالاطمئنان والسكينة بجواره؛ فقد كان إنسانا هادئا جدا ومتفاهما وعقلانيا جدا، لم يجبرني على شيء ولم يمنعني من شيء، إنما كان يناقشني إما أقنعه أو يقنعني، ورغم أني افتقدت المشاعر المتدفقة والرغبات المشتعلة إلا أني كنت أشعر بالأمان أكثر معه. بدأت بيننا بالعشرة مشاعر هادئة تنمو بالتدريج لم نتعجلها، ولم يضغط أحدنا على الآخر؛ ليعترف بحبه أو ليمنحه اهتماما أكبر. اتفقنا على تأجيل الإنجاب لمدة عام حتى نختبر حياتنا معا، هل سننجح في الحياة معا أم لا، وأيضا لأن إمكانياتنا المالية الحالية لا تحتمل وجود طفل. كنت أعمل ورغم ذلك كان يرفض أن أنفق راتبي في البيت، إنما سمح لي بإنفاقه على ما أحتاجه فقط، وبالطبع لم يستطع الوفاء بوعده لي لنسافر للخارج بسبب ظروفنا المالية، وكان ذلك يضايقه كثيرا، حتى عاد في يوم للبيت مبكرا عن موعده، ولأول مرة يحتضنني بقوة ويغمرني بقبلاته، وقال لي: عاملك مفاجأة. - خير. - هنسافر زي ما وعدتك. - بجد؟ - طبعا، والتذاكر أهي. - وهنقعد أد إيه؟ - سنتين. - إيه؟ - لما خالي عزمني أقضي شهر العسل عنده قلت له الأحسن تشوفلي شغل عندك، فوعدني لكن ماردش فقلت نسي، لحد ما لقيته بعتلي عقد العمل، وعملت الإجراءات وحجزت التذاكر. - بس دي أول مرة تاخد قرار مهم زي دا من غير ما تاخد رأيي. - ودي محتاجة رأي؟ هنسافر برة وأشتغل بمرتب كبير وممكن كمان أحضر الدكتوراه من هناك، عارفة دا معناه إيه؟ يعني لما نرجع مكانة كبيرة والمستشفيات هي اللي هتجري ورايا، وممكن أحقق حلمي ويبقى عندي مستشفى كبير للأورام، وأعمل جزء منه مجانا. - يعني انت فكرت في نفسك ومصلحتك، وافترضت إن موافقتي موجودة أو اعتبرتها تحصيل حاصل؟ - إنتي مش عاوزة تسافري؟ - عاوزة أسافر رحلة، لكن فكرة السفر لمدة دي ما اتكلمناش فيها، ولا انت ناسي إننا شركاء في حياتنا، وأي قرار حد فينا ياخده هيأثر على الطرف التاني؟
Неизвестная страница