الصَّلَاةِ فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ أَتَيْته لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ فَجَلَسْت حَتَّى إذَا قَضَى صَلَاتَهُ أَتَيْته فَقَالَ إنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ أَنْ لَا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ».
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ».
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «سَلَّمَ النَّبِيُّ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ الْعَصْرِ ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ فَقَامَ الْخِرْبَاقُ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ فَنَادَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ مُغْضَبًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ فَصَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَ تَرَكَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ فَنَقُولُ إنَّ حَتْمًا أَنْ لَا يَعْمِدَ أَحَدٌ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِأَنَّهُ فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صَلَاةً غَيْرَهَا لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ ثُمَّ مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا مِمَّنْ لَقِيت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَهَا أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَتَكَلَّمَ فِيهَا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَأَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَإِنَّمَا تَكَلَّمَ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مُبَاحٌ وَلَيْسَ يُخَالِفُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْكَلَامِ جُمْلَةٌ وَدَلَّ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ، عَلَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَّقَ بَيْنَ كَلَامِ الْعَامِدِ وَالنَّاسِي» لِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ.
بَابُ الْخِلَافِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ سَاهِيًا
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَجَمَعَ عَلَيْنَا فِيهَا حُجَجًا مَا جَمَعَهَا عَلَيْنَا فِي شَيْءٍ غَيْرِهِ إلَّا فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَمَسْأَلَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَسَمِعْته يَقُولُ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمْ يُرْوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ شَيْءٌ قَطُّ أَشْهَرُ مِنْهُ، وَمِنْ حَدِيثِ: الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَلَكِنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ فَقُلْت مَا نَسَخَهُ؟ فَقَالَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي بَدَأْت بِهِ الَّذِي فِيهِ «إنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ أَنْ لَا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» فَقُلْت لَهُ وَالنَّاسِخُ إذَا اخْتَلَفَ الْحَدِيثَانِ الْآخَرُ مِنْهُمَا فَقَالَ نَعَمْ قُلْت لَهُ أَوْ لَسْتَ تَحْفَظُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ بِمَكَّةَ قَالَ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فِي فِنَاءِ الْكَعْبَةِ وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا؟ قَالَ: بَلَى فَقُلْت لَهُ: فَإِذَا كَانَ مَقْدِمُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِمَكَّةَ قَبْلَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ ثُمَّ كَانَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ يَرْوِي أَنَّ النَّبِيَّ أَتَى جِذْعًا فِي مُؤَخَّرِ مَسْجِدِهِ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُصَلِّ فِي مَسْجِدِهِ إلَّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ مِنْ مَكَّةَ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْت فَحَدِيثُ عِمْرَانَ يَدُلُّك عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ بِنَاسِخٍ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
8 / 651