مِنْ الْأَحْدَاثِ وَخُصُوصِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالدَّلَالَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَاذْكُرْ الدَّلَالَةَ، قُلْت: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ فَقَالَ عُمَرُ أَيُّ سَاعَةٍ هَذِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْت مِنْ السُّوقِ فَسَمِعْت النِّدَاءَ فَمَا زِدْت عَلَى أَنْ تَوَضَّأْت فَقَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا؟ وَقَدْ عَلِمْت «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ»؟.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمَّا عَلِمْنَا أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ عُمَرُ عِلْمَهُ وَعِلْمَ عُثْمَانَ فَذَهَبَ عَنَّا أَنْ نُتَوَهَّمَ أَنْ يَكُونَا نَسِيَا عِلْمَهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إذْ ذَكَرَ عُمَرُ عِلْمَهُمَا فِي الْمَقَامِ الَّذِي تَوَضَّأَ فِيهِ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ وَلَمْ يَخْرُجْ عُثْمَانُ فَيَغْتَسِلُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ عُمَرُ بِذَلِكَ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ مِمَّنْ عَلِمَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ بِالْغُسْلِ مَعَهُمَا أَوْ بِإِخْبَارِ عُمَرَ عَنْهُ دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَدْ عَلِمَا أَمْرَ النَّبِيِّ بِالْغُسْلِ عَلَى الْأَحَبِّ لَا عَلَى الْإِيجَابِ لِلْغُسْلِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ دَلَّ عَلَى أَنَّ عِلْمَ مَنْ سَمِعَ مُخَاطَبَةَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي مِثْلِ عِلْمِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلِمُوهُ عِلْمًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا عَلِمُوهُ بِخَبَرِ عُمَرَ كَالدَّلَالَةِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَرَوَتْ عَائِشَةُ الْأَمْرَ بِالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ فَكَانُوا يَرُوحُونَ بِهَيْئَاتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ: لَوْ اغْتَسَلْتُمْ قَالَ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» قَالَ وَقَوْلُ أَكْثَرِ مَنْ لَقِيت مِنْ الْمُفْتِينَ اخْتِيَارُ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الْوُضُوءَ يُجْزِئُ مِنْهُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ «مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا يَجِبُ الْوُجُوبَ الَّذِي لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إذَا وَجَبَ الْوُجُوبَ الَّذِي لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ جَاءَ الْجُمُعَةَ أَوْ تَخَلَّفَ عَنْهَا لِأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ «مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا غُسْلَ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتِ الْجُمُعَةَ.
بَابُ نِكَاحِ الْبِكْرِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا». أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ «عَنْ خَنْسَاءَ ابْنَة خِذَامٍ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ النَّبِيَّ فَرَدَّ نِكَاحَهُ». أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا ابْنَةُ سَبْعٍ وَبَنَى بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ وَكُنْت أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فَكُنَّ جَوَارٍ يَأْتِينَنِي فَإِذَا رَأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ تَقَمَّعْنَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْوَلِيُّ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْهُ» الْأَبُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ وِلَايَةٌ مَعَهُ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لِغَيْرِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ فَهُوَ الْوَلِيُّ الْمُطْلَقُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي «الْأَيِّمِ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» مِثْلُ حَدِيثِ خَنْسَاءَ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَيِّمًا وَالْأَيِّمُ الثَّيِّبُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ نِكَاحَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَقُلْنَا أَمْرُهُ الْآبَاءَ بِالِاسْتِئْذَانِ لِلْأَبْكَارِ فِي الْإِنْكَاحِ أَطْيَبُ لِأَنْفُسِهِنَّ وَأَحْرَى إنْ كَانَ بِهِنَّ عِلَّةٌ فِي أَنْفُسِهِنَّ أَوْ لَهُنَّ عِلَّةٌ فِيمَنْ يُسْتَأْمَرْنَ فِي إنْكَاحِهِ أَنْ يَذْكُرْنَهَا لَا عَلَى أَنَّ لَهُنَّ فِي أَنْفُسِهِنَّ مَعَ آبَائِهِنَّ أَمْرًا إنْ لَمْ يَأْذَنْ أَنْ يُنْكَحْنَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْكَحْنَ وَذَهَبْنَا إلَى ذَلِكَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ وَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ» وَهِيَ فِي التَّزْوِيجِ
8 / 627