( واستوسقت (¬1) الممالك الإسلامية على جميع البلاد شرقا وغربا وبعدا وقربا ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الله زوى (¬2) لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها )) رواه مسلم . وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده . والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ))
( واستقرت ) هذه الممالك في أيدي المسلمين إلى( حدود الخمسمائة من الهجرة ) فلما كان في ( سنة بضع وتسعين وأربعمائة ) (¬3) وقد ضعفت الدول الشامية والمصرية في ( الدولة الفاطمية ) تدنت (¬4) الفرنج لعنهم الله إلى بعض السواحل فملكوها ، فمن ذلك مدينة ( إنطاكية ، واطرابلس ، وتلك السواحل المتاخمة للبحر ) ودخل ملكهم ( كندهري (¬5) لعنهم الله فأخذ ( بيت المقدس ) المطهر يوم جمعة (¬6) فجمع ممن فيه من العباد والزهاد والقاطنين به من المسلمين نحوا من سبعين ألفا فقتلهم في صبيحة واحدة رحمهم الله ولعن كندهري وقومه واستمر بيت المقدس في أيديهم نحوا من ( تسعين سنة ) حتى انتزعه من أيديهم الملك الناصر ( صلاح الدين يوسف بن أيوب ) رحمه الله ( سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ) واسترجع ما كانوا استحوذوا عليه - من بلاد غزة ونابلس وعجلون والغور وبلاد الكرك والشوبك وما إليه من البلاد ، واسترد منهم ( صفد) وأكثر السواحل البحرية إلا ( عكا وصور ) ، فاقتدى به الملوك بعده ، فاستنقذوا منهم بقية السواحل ، حتى كان آخرها ( عكا ) التي فتحها الملك ( الأشرف صلاح الدين خليل بن الملك المنصور قلاوون رحمه الله ) وذلك في سنة ( تسعين وستمائة ) فلم يبق للفرنج في السواحل جليل ولا حقير ولا مقدار قطمير ، ولا فتيل ولا نقير ، ولله الحمد والمنة ، وبه التأييد والعصمة .
Страница 16