Оживление наук о религии
إحياء علوم الدين
Издатель
دار المعرفة
Место издания
بيروت
فروض الكفايات من لم يتفرغ من فروض الأعيان ومن عليه فرض عين فاشتغل بفرض كفاية وزعم أن مقصده الحق فهو كذاب
ومثاله من يترك الصلاة في نفسه ويتجرد في تحصيل الثياب ونسجها ويقول عرضي أستر عورة من يصلي عريانًا ولا يجد ثوبًا فإن ذلك ربما يتفق ووقوعه ممكن كما يزعم الفقيه أن وقوع النوادر التي عنها البحث في الخلاف ممكن
والمشتغلون بالمناظرة مهملون لأمور هي فرض عين بالاتفاق ومن توجه عليه رد وديعة في الحال فقام وأحرم بالصلاة التي هي أقرب القربات إلى الله تعالى عصى به فلا يكفي في كون الشخص مطيعًا كون فعله من جنس الطاعات ما لم يراع فيه الوقت والشروط والترتيب
الثاني أن لا يرى فرض كفاية أهم من المناظرة فإن رأى ما هو أهم وفعل غيره عصى بفعله وكان مثاله مثال من يرى جماعة من العطاش أشرفوا على الهلاك وقد أهملهم الناس وهو قادر على إحيائهم بأن يسقيهم الماء فاشتغل بتعلم الحجامة وزعم أنه من فروض الكفايات ولو خلا البلد عنها لهلك الناس وإذا قيل له في البلد جماعة من الحجامين وفيهم غنية فيقول هذا لا يخرج هذا الفعل عن كونه فرض كفاية
فحال من يفعل هذا ويهمل الاشتغال بالواقعة الملمة بجماعة العطاش من المسلمين كحال المشتغل بالمناظرة وفي البلد فروض كفايات مهملة لا قائم بها فأما الفتوى فقد قام بها جماعة ولا يخلو بلد من جملة الفروض المهملة ولا يلتفت الفقهاء إليها وأقربها الطب إذ لا يوجد في أكثر البلاد طبيب مسلم يجوز اعتماد شهادته فيما يعول فيه على قول الطبيب شرعًا ولا يرغب أحد من الفقهاء في الاشتغال به وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو من فروض الكفايات وربما يكون المناظر في مجلس مناظرته مشاهدًا للحرير ملبوسًا ومفروشًا وهو ساكت ويناظر في مسألة لا يتفق وقوعها قط وإن وقعت قام بها جماعة من الفقهاء ثم يزعم أنه يريد أن يتقرب إلى الله تعالى بفروض الكفايات
وقد روى أنس ﵁ أنه قيل يا رسول الله متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال ﵇ إذا ظهرت المداهنة في خياركم والفاحشة في شراركم وتحول الملك في صغاركم والفقه في أراذلكم (١)
الثالث أن يكون المناظر مجتهدًا يفتي برأيه لا بمذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما حتى إذا ظهر له الحق من مذهب أبي حنيفة ترك ما يوافق رأي الشافعي وأفتى بما ظهر له كما كان يفعله الصحابة ﵃ والأئمة
فأما من ليس له رتبة الاجتهاد وهو حكم كل أهل العصر وإنما يفتي فيما يسأل عنه ناقلًا عن مذهب صاحبه فلو ظهر له ضعف مذهبه لم يجز له أن يتركه فأي فائدة له في المناظرة ومذهبه معلوم وليس له الفتوى بغيره وما يشكل عليه يلزمه أن يقول لعل عند صاحب مذهبي جوابًا عن هذا فإني لست مستقلًا بالاجتهاد في أصل الشرع ولو كانت مباحثته عن المسائل التي فيها وجهان أو قولان لصاحبه لكان أشبه فإنه ربما يفتي بأحدهما فيستفيد من البحث ميلًا إلى أحد الجانبين ولا يرى المناظرات جارية فيها قط بل ربما ترك المسألة التي فيها وجهان أو قولان وطلب مسألة يكون الخلاف فيها مبتوتًا
الرابع أن لا يناظر إلا في مسألة واقعة أو قريبة الوقوع غالبًا فإن الصحابة ﵃ ما تشاوروا إلا فيما تجدد من الوقائع أو ما يغلب وقوعه كالفرائض ولا نرى المناظرين يهتمون بانتقاد المسائل التي تعم البلوى بالفتوى فيها بل يطلبون الطبوليات التي تسمع فيتسع مجال الجدل فيها كيفما كان الأمر
_________
(١) حديث أنس قيل يا رسول الله متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحديث أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن
1 / 43