116

Ихтирас

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Жанры

وأما ما يقال: في أنهم مصرحون باستحالة إظهار المعجزة على يدي الكاذب بمعنى أنه غير مقدور للباري تعالى؛ لأنه يقضي إلى تعجيزه سبحانه عن إقامة الدلالة على صدق مدعي الرسالة كما حكوا عن الشخ الأشعري، أو أن الصدق مدلول للمعجزة بمنزلة العلم لانتقال الصنع، فلو ظهرت على يد الكاذب لزمها اجتماع النقيضين من كونه صادقا غير صادق في حالة واحدة، وهو محال ..... إلى المحال [58] كما ذكره الرازي، فانقضاه وكأنه ما أرتضى ما مر عن الشيخ الأشعري، وبنى على أنه يمتنع حينئذ إظهار المعجز على يد الكاذب، فيمتنع أيضا أن يخلق العلم بصدق المدعي بصدق الرسالة وهو غير صادق في دعواه؛ لأن خلق العلم المذكور لا يكون إلا عند ظهور المعجز على يده..... فإما كان ظهوره على يديه في حال الكذب محالا كان خلق العلم بصدقه محالا أيضا فيلزم من هذا بزعم الرازي والعادة إنما جرت بإظهار المعجزة على يدي الصادق، وأنها أيضا إنما جرت بخلق العلم بصدقه حال كونه صادقا فدعواهم للعادة غير باطلة من البرهان، ولا خالية من البينان، فمما لا يعلق بقلب ذكي يعي فضلا عن أن يرضاها فاضل العي؛ لأن إظهارة المعجزة على يد الكاذب أمر ممكن في نفسه والممكن في نفسه لا ينقلب ممتنعا في نفسه مجرد الدعوى والزعم الفاسد، فالقادر المختار تعالى لا يخرج عن مقدوراته بإظهار المعجزة على يدي الكاذب، كيف وهو قادر على جمع أجناس المقدورات حسنها وقبيحها، والمعترض وابن هشام قد زعم أن العدلية من المعتزلة وغيرهم هم الذين عطلوا قدرته تعالى كما مر..... المعترض بالإشارة إلى ذلك من خطبته وقال:..... قبضة قدرته واستروح إلى قوله تعالى:{فعال لما يريد} وبنى على أنه مريد تعالى للقبائح القواقعة في العالم كلها، وأنه لا مانع من إرادته تعالى لكل قبيح، وهذا ما ذهب نفاة القبح العقلي كما عرفت، فهم ق زادوا على المعتزلة فيما نقموه عليهم؛ لأنهم زعموا أن الله تعالى عاجز عن إظهار المعجز على يد الكابذ، والمعتزلة ما يقولون بأنه تعالى عاجز عن شيء من أجناس المقدورات على أي وجه كانت، ومنها أفعال العباد قبل أن تتعلق بها قدرتهم، ومنها غير ذلك فاظهار المعجزة مطلقا أمر ممكن في نفسه وحد ذاته لكنه ممتنع في حكمه الحكيم تعالى بالنظر إلى مدعي النبوة كاذبا، وباق على إمكانه الذاتي بالنظر إلى مدعي النبوة والرسالة صادقا هذا هو مذهب المعتزلة وسائر العدلية المثبتين لحكمة تعالى خلافا لنفاة الحكمة من الأشاعرة ومن يحذو حذوهم من الجهمية وإخوانهم الخلص من الجبرية، وأين مانع من كون الشيء ممكن في جهة القادرية ممتنعا في جهة الحكمة الإلهية كإظهار المعجزة على يد مدعي الرسالة كاذبا وكإضلال العباد وإغوائهم وظلمهم والتلبس عليهم، فإن ذلك وامتثاله ممكن للقادر المختار لكنه يمتنع في حكمته تعالى، ولذا كان القرآن الكريم............. بالإمتداح بالجمة ما أنه مشحون بالامتداح بالقادرية ولذا قال تعالى: {وما الله يريد ظلما للعباد} أي أنه تعالى قادر على الظلم لكنه تعالى لا يريده لعدم راعي الحكمة إلى فعله، ولو لم يكن في الأفعال ما يجوز في جهة القدرة ويمتنع من جهة الحكمة لما كثر التمدح في القرآن بأنه تعالى لا يفعل به من الأفعال، فالعدلية من المعتزلة وغيرهم من أهل البيت رضي الله عنهم هم الذين أجروا آيات الإمتداح بالقادرية والحكمة على مجاريها وما قصر، والقادرية الإلهية عن شيء من الممكنات كما تبصرتها الأشاعرة وأمثالهم وزعموا أن بعض الممكنات غير مقدور للباري تعالى، كما زعم ذلك الأشعري في إظهار المعجزة على يدي الكاذب بناء على ما مرت حكايته عنه من قوله: أن الصدق من ...... المعجزة بمنزلة العلم لاتقان الصنع أي كما أن اتقان الصنع في المصنوع يدل على أن الصانع، فكذلك المعجزة تدل على صدق المدعي، وهذا في الأشعري مجرد دعوى، وقياس بلا جامع؛ لأن اتقان الصنع لا يتصور في جاهل لما صنعه وأتقنه وأحكمه، فهو مما [59][فرغ في الأصل]

Страница 134