114

Ихтирас

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Жанры

قلت: نحن المانعون في الحقيقة، والمدعون هم القائلون أنه لم يحصل لهم الجزم والعلم الضرروي بأنه تعالى لا يفعل المعجزة لمدعي الرسالة إلا لأجل تصديقه مع نفيهم للغرض في أفعاله تعالى، وقولهم بأن التعليل في أفعاله تعالى محال وهم القائلون بأنه يحصل لهم الجزم بصدقه؛ لأن الله ما صدقه بالمعجزة إلا وهو صادق في نفس الأمر والواقع مع قولهم أنه تعالى موجد الفحشاء والقبائح، والضلال وسائر المذمومات من الأعمال، فأهل هذه المقالة هم المدعون، ونحن المعانعون فالمنع منا لا منهم، ثم نقول في جواب هذا السؤال: أنا نعلم أن الجزم بعدم انقلاب الجبل ذهبا لا يحصل إلا بعدم العلم بحقيقة الجبل، وحقيقة الذهب، وهذا مما لا شبهة فيه، ثم أنه لا يحصل الجزم المذكور بعدم انقلاب، إلا أن علم أن الله تعالى وإن كان قادرا على قلب الجبل ذهبا لكنها قد جرت العادة بأنه تعالى لا يقلب الجبل ذهبا، وعلى هذا فكيف يتصور العلم بأن العادة جرت بهذا، وأن الجبل مل ينقلب ذهبا في مستمر العادة لمن لم يكن قد شاهد الجبل ولا رآه إلا مرة واحدة هذا محال، وتناقض ظاهر، وكذا الكلام في الخبر المتواتر، فإنه من يسمع خبرا متواترا من تواجده فقط، كيف يتصور له الجزم بمطابقته للواقع، ولم يتقدم عنده شعور بأن المجبرين جمع تحيل العادة المستمرة أنهم يتواطون على الكذب، وكيف يتصور العلم بجري العادة التي تحيل التواطي على الكذب من من لم يسمع الخبر المتواتر إلا مرة واحدة ولم يكن عنده ما يستند إليه في الحكم باستحالة تواطي الخيرين على الكذب؛ لأنه إذا لم يسمع الخبر المتواتر إلا مرة واحدة لم تكن العادة المحيلة على الكذب معلومة عنده، ولا شعور له بها أصلا، وإذا لم يكن عنده علم بها لم يجد ما يسند إليه في حكمه باستحالة تواطيهم على الكذب، والحالم لم يكن عنده ما يستنده إليه في هذا الحكم بالاستحالة لم يتصور منه الحكم بالاستحالة وإذا لم يتصور منه الحكم بصدق الخبر المتواتر بمطابقته للواقع فضلا عن الجزم بهذا الحكم، وبهذا يتضح أن ما اعتمده الرازي وأبتاعه من الأشاعرة ومن يجدوا حذوهم مستلزم للحال، ولك باستلزام المحال محال على أنه قد ذكر في المحصل في الكلام على المعجزة من قبل القادحين في نبوة سيدنا محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام ما لفظه:لو دجاز انخراق العادة عن مقارنتها لجاز أن ينتقل الجبل ذهبا والبحر دما عبيطا، وأن ينقلب مافي البيت من الأسقفة أناسا فاضلين، ومعلوم أن تجويز ذلك يقدح في البديهيات ...الخ.

Страница 130