مقدمة ابن حبان في صحيحه
مدخل
الفصل الثاني ١
قال ﵀ ٢: الحمد لله المستحق الحمد لآلائه المتوحد بعزه وكبريائه القريب من خلقه في أعلى علوة البعيد منهم في أدنى دنوة العالم بكنين مكنون النجوى والمطلع على أفكار السر وأخفى وما استجن تحت عناصر الثرى وما جال فيه خواطر الورى الذي ابتدع الأشياء بقدرته وذرأ الأنام بمشيئته من غير أصل عليه افتعل ولا رسم مرسوم امتثل ثم جعل العقول مسلكا لذوي الحجا وملجأ في مسالك أولي النهى وجعل أسباب الوصول إلى كيفية العقول ما شق لهم من الأسماع والأبصار والتكلف للبحث والاعتبار فأحكم لطيف ما دبر وأتقن جميع ما قدر.
ثم فضل بأنواع الخطاب أهل التمييز والألباب ثم اختار طائفة لصفوته وهداهم لزوم طاعته من اتباع سبل الأبرار في لزوم السنن والآثار فزين قلوبهم بالإيمان وأنطق ألسنتهم بالبيان من كشف أعلام دينه واتباع سنن نبيه بالدؤوب ٣ في الرحل والأسفار وفراق الأهل والأوطار في جمع السنن.
_________
١ هذا الفصل هو خطبة ابن حبان في أصل صحيحه.
٢ في نسخة دار الكتب المصرية: بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين. قال الشيخ الإمام العلامة، قدوة الحفاظ، أوجد النقاد، أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي، برد الله مضجعه، وأثابه الجنة.
٣ يقال: "دأب دأبًا" بسكون الهمزة، و"دَأَبًا" بفتحها، و"دُؤوبًا" بضم الدال والهمزة، ومدها، فهو دئب بفتح الدال، وكسر الهمزة، أي: جد وتعب.
1 / 100