وأكّد فيه بأدلة ناهضة، أن ابن القطان تلقى علوم الحديث، عن أصحاب الفن، فيكون بذلك قد "تأصل في الفن في مدرسة حديثية، تفاعل معها، كما هو شأن المحدثين في سائر الأقطار" (١)، بالإِضافة إلى ما ظفر به في هذا الجانب من خلال رحلاته العلمية التي قام بها إلى إفريقية والأندلس (٢)، حيث التقى أثناءها بعلمائها فأخذ عنهم، كما ذكر ابن الأبار وابن عبد الملك في ترجمته.
وقد مكنه ذكاؤه وحدة فطنته من استغلال الحركة العلمية المباركة والاستفادة من مدرسة الحديث التي أقيم صرحها على عهد الموحدين، والتي كانت تضم كبار المحدثين والمشهورين في سعة الرواية والدراية من علماء العدوتين: المغرب والأندلس، حتى بلغ مكانة الأئمة الحفَّاظ، يحتج بأقواله في الجرح والتعديل، وبيان علل الحديثا سندًا ومتنًا.
رابعًا: شيوخه:
تعلَّم ابن القطان أولًا في بلده فاس، سمع الحديث فيها عن جماعة، ثم انتقل إلى مراكش ليسمع عن علمائها ومحدثيها الوافدين عليها، وقد جمع شيوخه في "برنامجه" الذي يقول عنه ابن القاضي: "وجمع برنامجًا مفيدًا في مشيخته" (٣). وقد وقف عليه ابن عبد الملك ونقل عنه شيوخه.
ولابن القطان في تحصيله العلمي مرحلتان: الأولى بفاس، والثانية بمراكش، سمع في المرحلة الأولى من شيوخ فاس ومحدثيها، وفي المرحلة الثانية من علماء مراكش وحفّاظها.
_________
(١) علم العلل في المغرب: ١/ ١٩٩.
(٢) انظر: التكملة، لابن الأبار، رقم (١٩٢٠)، ط: مدريد، والذيل والتكملة، لابن عبد الملك: ٩/ ٨، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط.
(٣) جذوة الاقتباس، ص: ٢٩٩.
1 / 23