الذي وفد إلى مراكش بطلب من المنصور سنة ثمانين وخمسمئة، وتوفي بها سنة تسعين وخمسمئة، ولازمه ملازمة طويلة. . فيفهم من هذا أن انتقاله إلى مراكش كان بعد سنة اثنتين وثمانين وخمسمئة.
وقد ذكر شيخنا الدكتور إبراهيم بن الصديق في أطروحته: أن انتقاله إلى مراكش كان بين سنة (٥٨٣ هـ) و(٥٨٥ هـ)، وعزز هذا: بأن بعض شيوخه الذين أخذ عنهم بمراكش مات في هذا التاريخ أو بعده بقليل (١).
وعلى كُلٍّ فإن سنة إنتقاله من فاس إلى مراكش بالضبط لم يذكرها الرواة المترجمون له؛ لأنهم لم يتحدثوا عنه، في مرحلته الأولى بفاس، كما تحدثوا عنه في مرحلته الثانية بمراكش؛ لأن في هذه المرحلة ظهر نبوغه العلمي، واشتهر أمره بين العامة والخاصة، وتم اتصاله بملوك الموحدين، وخاصة منهم يعقوب المنصكور الموحدي الذي كان ابن القطان "من أخص جلسائه، وقد صدر به ابن القطان شيوخه في معجم شيوخه" (٢).
والذي يمكن القطع به هنا هو أن انتقاله من فاس إلى مراكش، كان بعد أن جاوز العشرين من العمر؛ لأن شيخه أبا عبد الله بن البقار الفاسي أجازه جميع روايته بفاس سنة اثنتين وثمانين وخمسمئة -كما سبق أن ذكرنا- وابن القطان آنذاك كان قد بلغ العشرين من العمر؛ لأن مولده كان سنة اثنتين وستين وخمسمئة.
ولما انتقل إلى مراكش لازم علماءها، ونال من حياضهم الكثير، واتصل بملوك الموحدين فاشتهر أمره.
ومن العلماء الذين استفاد منهم ابن القطان -وكان يحظى بالتكريم والإِجلال من طرف المنصور بن عبد المؤمن- الحافظ أبو عبد الله بن
_________
(١) علم العلل في المغرب، ص: ١٨٧.
(٢) المرجع السابق، ص: ١٨٨.
1 / 21