Искусство совершенствования. Комментарий к основам заключений

Ибн Дакик аль-‘Ид d. 702 AH
73

Искусство совершенствования. Комментарий к основам заключений

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Издатель

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] الْجَنَابَةِ، وَالْوُضُوءُ - بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ - مُغَايِرٌ لِلْوُضُوءِ بِقَيْدِ كَوْنِهِ خَارِجًا عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَيَحْصُلُ التَّغَايُرُ الَّذِي يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّشْبِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ كَوْنِهِ وُضُوءًا لِلصَّلَاةِ حَقِيقَةً. الثَّانِي: لَمَّا كَانَ وُضُوءُ الصَّلَاةِ لَهُ صُورَةٌ مَعْنَوِيَّةٌ ذِهْنِيَّةٌ، شُبِّهَ هَذَا الْفَرْدُ الَّذِي وَقَعَ فِي الْخَارِجِ بِذَلِكَ الْمَعْلُومِ فِي الذِّهْنِ، كَأَنَّهُ يُقَالُ: أَوْقَعَ فِي الْخَارِجِ مَا يُطَابِقُ الصُّورَةَ الذِّهْنِيَّةَ لِوُضُوءِ الصَّلَاةِ. الْوَجْهُ السَّادِسُ: قَوْلُهَا " ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيْهِ شَعْرَهُ " التَّخْلِيلُ هَهُنَا: إدْخَالُ الْأَصَابِعِ فِيمَا بَيْنَ أَجْزَاءِ الشَّعْرِ، وَرَأَيْتُ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّخْلِيلَ هَلْ يَكُونُ بِنَقْلِ الْمَاءِ، أَوْ بِإِدْخَالِ الْأَصَابِعِ مَبْلُولَةً بِغَيْرِ نَقْلِ الْمَاءِ؟ وَأَشَارَ بِهِ إلَى تَرْجِيحِ نَقْلِ الْمَاءِ، لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ «ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ، فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ» فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: نَقْلُ الْمَاءِ لِتَخْلِيلِ الشَّعْرِ: هُوَ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: يُخَلِّلُ بِأَصَابِعِهِ مَبْلُولَةً بِغَيْرِ نَقْلِ الْمَاءِ، قَالَ: وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ مَا يُبَيِّنُ هَذَا، فَقَالَ " بَابُ تَخْلِيلِ الْجُنُبِ رَأْسَهُ " وَأَدْخَلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ ﵂ فِيهِ، «فَقَالَتْ فِيهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُشْرِبُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَحْثِي عَلَيْهِ ثَلَاثًا» قَالَ: فَهَذَا بَيِّنٌ فِي التَّخْلِيلِ بِالْمَاءِ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ " التَّخْلِيلَ " يَكُونُ بِمَجْمُوعِ الْأَصَابِعِ الْعَشْرِ لَا بِالْخَمْسِ. الْوَجْهُ السَّابِعُ: قَوْلُهَا " حَتَّى إذَا ظَنَّ " يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ " الظَّنُّ " هَهُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَهُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، مِنْ رُجْحَانِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مَعَ احْتِمَالِ الْآخَرِ، وَلَوْلَا قَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ " أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " لَتَرَجَّحَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُكْتَفَى بِهِ، أَيْ بِرَيِّ الْبَشَرَةِ، وَإِذَا كَانَ مُكْتَفَى بِهِ فِي الْغُسْلِ تَرَجَّحَ الْيَقِينُ، لَتَيَسُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُكْتَفَى بِالظَّنِّ فِي هَذَا الْبَابِ، فَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهَا " أَرْوَى " مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّيِّ، الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْعَطَشِ، وَهُوَ مَجَازٌ فِي ابْتِلَالِ الشَّعْرِ بِالْمَاءِ، يُقَالُ: رَوَيْتُ مِنْ الْمَاءِ - بِالْكَسْرِ - أَرْوَى رِيًّا وَرَيًّا، وَرُوِيَ،

1 / 131