وبالطبع هناك من كانوا يعتقدون أن بلوغ الحرارة في النهار إلى درجة 100 فوق الصفر، وفي الليل إلى نحو 100 تحت الصفر، كانوا يعتقدون أن هذه الحال لا تطاق، ولا يمكن للإنسان الأرضي أن يتغلب عليها، ولكن الواقع أن هذا الاختلاف كان مصدر القوة لنا ونحن في القمر.
ألا تعرف أن مصانعنا وسياراتنا وقطاراتنا وطائراتنا على الأرض إنما تعمل كلها باختلاف الحرارة داخل القاطرة أو الموطر أو الآلة البخارية وخارجها؟
كنا على القمر نجمع حرارة الشمس ونسلطها على السوائل أو الغازات التي نجمعها فتتمدد داخل خزانات قوية الجدارن، وكانت تبقى مضغوطة، فإذا كان الليل وهبط الترمومتر من 100 فوق الصفر إلى 100 تحت الصفر أطلقنا الغازات فأدرنا بها آلاتنا وولدنا بها القوة الكهربائية للإضاءة والإدارة وإيجاد الحرارة الملائمة لحياتنا وحياة النبات والحيوان .
كانت الشمس فحمنا وبترولنا في النهار، وكنا نجد فيها كنزا لا يفنى في إيجاد القوة والتدفئة في الليل، وأصبح عندنا العديد من المصانع، ولكن أكثرها كان يتخصص في صنع الآلات وبناء البيوت.
وكنا بالطبع نحيا حياة اشتراكية؛ فلم يكن لدينا ونحن أربع مئة شخص أكثر من عشرة بيوت، وقد نجحنا في زراعة جميع الحبوب الغذائية التي كنا نزرعها على الأرض، وذلك بإيجاد المباني من طبقات الزجاج التي تحمي النباتات من حرارة الشمس، وتمنع تسرب الهواء منها في الوقت نفسه، فينمو النبات والحيوان فيها نموا سريعا عظيما.
وحدثت حوادث دلت على أنه لا يزال بيننا صغار من الرجال لم ينضجوا، ولم يعرفوا دلالة غزو الإنسان للقمر، فمن ذلك أن أحد الإنجليز عندما هبط القمر أخرج راية إنجليزية وغرزها وقال: - هذا ملك بريطانيا.
وفعل مثله فرنسي، وفعل مثله ألماني.
وكان العقلاء يضحكون من هذه السخافات، ولكن الواقع أن هذه الرايات قسمتنا طوائف كما كنا على الأرض، وحدثت حرب صغيرة انتهت بأن القمر للقمريين وحدهم، وأن اللغة العامة هي الإنجليزية، وشرعنا ندرس كيف نؤسس مجتمعا جديدا بقوانين جديدة عن الزواج والطلاق وتربية الأبناء ونظام الحكم، وكانت المناقشات تحتد بيننا، وكان أسوأ ما فيها أن بعضنا كان يريد أن ينقل الحزازات الاجتماعية والعنصرية والدينية إلى القمر، حتى لقد حدث ما يشبه الحرب الدينية.
ولكن العقلاء تغلبوا في النهاية، ومنعوا دراسة التاريخ الأرضي لمدة عشر سنوات؛ حتى ينسى القمريون أصول شحنائهم على الأرض.
وكان أحسن الأوقات في القمر تلك الليالي التي كان يسطع فيها نور الأرض علينا بقوة كبيرة جدا بحيث كان يستحيل الليل نهارا، ولكن بلا شمس، فكان يخرج كل منا في شكته التي تشبه بذلة الغواص على الأرض ونتنزه ونلعب.
Неизвестная страница