أما أعمال الحكومة العالمية في أيدي السبعة الكبار، فكانت تتسم بسمة عالمية، مثل زيادة الأسماك في المحيطات والأنهار، وتيسير الحصول على المواد الخام لجميع الشعوب بلا تمييز، وإيجاد مجار جديدة للأنهار، ونحو ذلك. •••
وأصبح السبعة الكبار أسطورة تلتف حولها الشائعات، ولم يكن واحد منهم يختلط بالناس، وكانت إقامتهم دائمة في بقعة تقرب من باريس يحرسها جنود من البشر، وكان القصر الذي يقيمون فيه رحبا متعدد الغرف، للموظفين البشريين الذين يتسلمون أوامرهم ويبلغونها للمختصين للتنفيذ، وكنا نسمي هذا القصر «الحرم المريخي».
وحدث أن أقيم معرض للجمال دعيت إليه أجمل فتيات العالم، وكان من أغرب ما عرف، مع محاولة الكتمان للخبر، أن السبعة الكبار اختاروا سبعا من هؤلاء الفتيات، وقيل أنهن حملن منهن وظهرت سلالة خلاسية مهجنة من المريخيين والأرضيين، ولكن لم ير أحد هؤلاء الأطفال.
وكانت الشائعات تترى؛ فقد قيل إن بعض المريخيين كان يسافر إلى المريخ ويعود بتعليمات جديدة لسياسة الأرض، ولكن الذي كنا نخشاه جميعا، وهو استيلاء المريخيين على أرضنا، لم يحدث، بل لم نر مهاجرين بتاتا من المريخ.
وتقدم بعض منا إلى السبعة الكبار يطلبون السفر إلى المريخ، ولكن هذا العرض لم يقبل، وفهمنا أن المريخيين يريدون إصلاح أرضنا وإلغاء الفروق المذهبية التي فرقتنا، وتعميم المساواة الاقتصادية، وإلغاء الجيوش، حتى لا تكون حرب في المستقبل، ويجب أن أعترف بأنهم نجحوا في كل ذلك؛ فلم يعد على وجه الأرض بارجة أو مدفع أو طائرة حربية أو قنبلة أو صاروخ ذري أو غير ذري، وعممت قواعد صحية في تحديد التناسل أطاعها الجميع؛ لأنهم وجدوا منفعتها لهم.
وعم استخدام الذرة، فصرنا نضيء بها المدن، وندير بها المصانع، ونشق بها الجبال، ونزرع بها الصحاري، وننزل بها الأمطار، وقد استطاعت الهند أن تغير مناخها بأن شقت جبال «هملايا» التي كانت تنتصب حاجزا بينها وبين الرياح القطبية، وانخفضت بذلك حرارة الهند، وفتحت جملة فتحات على الشاطئ بين مصر وطرابلس، فدخلت مياه البحر المتوسط إلى المنخفضات في الصحاري وغيرت المناخ، حتى صار معتدلا بعد أن كان محرقا، وأنشئت السدود على النيل حتى لم تكن قطرة واحدة من مياهه تضيع سدى في البحر المتوسط.
وعاش الناس فيما كانوا يسمونه سعادة.
ثم حدثت الكارثة؛ فقد انفجرت الأسطورة : فإن الفتيات الجميلات اللائي اختارهن السبعة الكبار، وتزوجوهن، لم يطقن البقاء منعزلات في الحرم المريخي، وكنا نسمع شائعات عن أن الخلاف قد تفاقم بين واحد من السبعة الكبار وبين زوجته، ولكننا لم نكن على يقين.
وذات صباح خرجت علينا الجرائد بنبأ لا يقل خطورته عن ذلك النبأ الذي كانت قد أخرجت به علينا قبل تسع سنوات بشأن نزول المريخيين على الأرض واستيلائهم على مقاليد الحكم، أما النبأ الجديد فهو أن السيدة «ماريان» قد فرت من الحرم المريخي، وأذاعت أن هؤلاء المريخيين كاذبون في دعواهم بأنهم من المريخ؛ إذ هم بشر مثلنا، وأنهم ادعوا دعوى المريخية عقب تفشي الشائعات بشأن الأطباق الطائرة، فاستغلوا هذه الشائعات، وزعموا أنهم مريخيون، وألفوا مجلسا لحكم العالم، ونجحوا في هذا الزعم، وصدقهم الناس، وخضعوا لهم.
ثم ذكرت الأسباب التي دعتها إلى الفرار، وهي سبب واحد، هو أن زوجها المريخي الكاذب قد هجرها والتفت التفاتا غير معتدل إلى زوجة آخر من السبعة الكبار، وحاولت «ماريان» أن ترد إليه صوابه فلم تفلح، وأخيرا لم تتحمل الغيرة ففرت.
Неизвестная страница