فقال: هل تطلب لي الفشل؟!
قلت: نعم؛ أنت سادر، أنت سكران بنجاحك، إني أدعو لك بالفشل.
فقال ضاحكا: إن شاء الله أنت!
كان هذا قبل سنتين، وكنت أتابع نجاحه وأنا في أسف عليه، ثم تخرج في الجامعة في يونية الماضي، وأحس قوة جديدة زادت طغيانه في النجاح، فوثب وسقط.
وأسوأ ما في النجاح المبكر أنه يعود صاحبه الإقدام، ثم التهور!
فإن عاطف شرع منذ بلوغه الثامنة عشر يغزو قلوب الفتيات، بلا رحمة ولا تبصر، وكانت له معهن ميزتان: السخاء والدموع؛ فإن المرأة تعجب بالقوة، والسخاء من أعظم مظاهر القوة؛ فإنه كان لا يبالي أن ينفق مع الفتاة التي يدعوها إلى التنزه معه نحو خمسة أو ستة جنيهات في اليوم، وكان له أسلوب في إخراج النقود وإلقائها على المائدة، كما لو كانت شيئا تافها، وكان يتفضل على خادم المطعم بنحو عشرين قرشا فوق الثمن، يدفعها إليه كما لو كانت ثلاثة قروش، وكان هذا السلوك يسحر الفتيات.
وفوق ذلك كان له أسلوب قاتل في الدموع.
وقد أخبرني هو كيف وقع على هذا الأسلوب؛ فقد قال لي إنه كان يلعب وهو في العاشرة مع صبية من عائلة مجاورة، وكانت تأكل بعض الحلويات، فرغب إليها أن تعطيه منها، فأبت عليه فبكى، وتأسفت الصبية حين رأت دموعه، وحنت عليه وأعطته الحلوى كلها.
واستقر عند هذا الأسلوب؛ أسلوب أطفال، ولكنه أسلوب قاتل؛ فإنه كان عندما يجد جمودا أو نفورا من إحدى الفتيات يبكي، وكان البكاء يغمر وجهه فتحمر وجنتاه، وتنهمر دموعه ويتشنج، ووجد بالتجارب أنه ليست هناك فتاة تستطيع مقاومته وهو في هذه الحال.
وليس هذا غريبا؛ فإن كل فتاة أم بطبيعتها، وهي تلعب بالعروس وتحتضنها وهي لا تزال طفلة؛ أي تلعب بالأمومة، ولذلك يمتزج الحب عندها بالحنان، وهي تعامل حبيبها كما لو كان طفلها وهي أمه!
Неизвестная страница