235

والثانية: أن الذي قدموه كان متعريا، مما أوجب عندهم تأخيره (1)، فلم يك على حال من الفضل يبعث على الحسد، فيحول ذلك بينه وبين التقديم. والثالثة: أن الاكثر كانوا إلى الرجل أسكن منهم إلى غيره، لبعده عن عداوتهم، وخروجه عن آصارهم، بوتر من وترهم في الدين. والرابعة: ملاءمة العاقدين للمعقود له في الباطن، واجتماعهم على السر من أمرهم والظاهر، فتشابهت لذلك منهم القلوب. والخامسة: استحكام طمع الاتباع في النيل من المتقدمين مراداتهم في الرئاسات، والسيرة فيهم بما يؤثرونه من الاحكام المخالفة للمفترضات والمسنونات، والتجاوز لهم عن العثرات والزلات، وهذا أيضا من الاسباب الداعية إلى إخراج الحق عن أهله بلا اختلاف. والسادسة: الاتفاق الذي لا يرجع فيه إلى أصل ثابت ولا نتيجة نظر، وقد جرت به العادات، وقضت بوجود أمثاله الشهادات. ألا ترى إلى اجتماع أهل الجاهلية على عبادة الاوثان، وهي جمادات لا تنفع أحدا ولا تضره، ولا تجلب إليه خيرا ولا تدفع عنه شرا، مع انصرافهم عن عبادة الله الذي خلقهم، وأراهم في أنفسهم وغيرهم الآيات. وكذلك كانت حال من تقدمهم في عبادة الاصنام (2)، مع تقريع

---

(1) في ب، ح، م، زيادة: من اخرجوه. (2) في ب، ح، م، الاصنام وعبادتها بدل (عبادة الاصنام).

--- [ 237 ]

Страница 236