في الجو كان لثاه أكثر وأغزر، وفي الجدب وقلة الندى يكون اللثا أنزر ومقدار ما أخرج منه في سنة ست وتسعين وخمسمائة، وهي عام جدب، نيِّف وعشرون رطلا، ثم تؤخذ القناني فتدفن إلى القيظ وحمارة الحرّ وتُخرجُ من الدفن وتجعلُ في الشمس، ثم تتفقد كل يوم فيوجد الدهن وقد طفا فوق رطوبة مائية وأثقال أرضية، فيقطف الدهن ثم يعاد إلى الشمس ولا يزال كذلك يشمِّسها ويقطف دهنها حتى لا يبقى فيها دهن فيؤخذ ذلك الدهن ويطبخه قيّمه في الخُفية لا يُطلع على طبخه أحدًا ثم يرفعه إلى خزانة الملك، ومقدار الدهن الخالص من اللثا بالترويق نحو عشر الجملة، وقال لي بعض أرباب الخبرة أن الذي يحصل من دهنه نحو من عشرين رطلا ورأيت جالينوس يقول: أن أجود دهن البلسان ما كان بأرض فلسطين وأضعفه ما كان بمصر، ونحن فلا نجد اليوم منه بفلسطين شيئا البتة، وقال نيقولاس في كتاب النبات: ومن النبات ما له رائحة طيّبة في بعض أجزائه ومنها ما رائحته الطيبة في جميع أجزائه كالبلسان الذي يكون في الشام بقرب بحر الزفت، والبير التي يُسقى منها تسمَّى بير البلسم وماؤها عذب، وقال ابن سمجون إنّما يوجد في زماننا هذا بمصر فقط، ويستخرج دهنه عند طلوع كلب الجبّار، وهو الشعرى، وذلك في شباط ومقدار ما يخرج ما بين خمسين رطلا إلى ستين ويباع في مكانه بضعفه فضة، وكانت هذه الحال قد كانت في زمن ابن سمجون، وحكى عبد الرازق أن بدله دهن الفجل وهذا بعيد، والبلسان الدهني لا يثمر وإنما تؤخذ منه فسوخ فتغرس في شباط فتعلق وتنمى وإنما الثمر للذكر البرّي ولا دهن له ويكون بنجد وتِهامة وباري العرب وساحل اليمن،
وبأرض فارس ويسمّى البشام ويربّى قِشرُه قبل استخراج دهنه فيكون نافعا من جميع السموم، وأما خواصّه ومنافعه فالأليق بها غير هذا الكتاب.
ومن ذلك القلقاس، وهو أصول بقدر الخيار ومنه صغار كالأصابع يضرب إلى حمرة خفيفة يقشّر ثم يشقّق على مثل السلجم وهو كشف مكتنز يشابه الموز الأخضر الفج في طعمه وفيه قبضٌ يسير مع حرافة قويّة وهذا دليل على حرافته ويبسه، فإذا سُلق زالت حرافته جملة وحدث له مع ما فيه من القبض اليسير لزوجة مغرية كانت فيه بالقوة، إلّا أنّ حرافته كانت تخفيها وتسترها، ولذلك صار غذاؤه غليظا بطيء الهضم ثقيلا في المعدة، إلّا أنه لما فيه من القبض والغلاصة صار مقوِّيًا للمعدة حابسًا للبطن إذا لم يُكثر منه، ولِما فيه من
1 / 10