Исламское управление в расцвете Арабов
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Жанры
بعد حبس ما كان يحتاج إليه، والمال يجبى من أموال الجزية وما يؤخذ من الخراج، وكان النصارى واليهود أقروا على ما في أيديهم من الأرض يعمرونها ويؤدون خراجها. ووضع في مصر عمر على كل حالم دينارين جزية إلا أن يكون فقيرا، وألزم كل ذي أرض مع الدينارين ثلاثة أرادب حنطة وقسطي زيت وقسطي عسل وقسطي خل رزقا للمسلمين تجمع في دار الرزق وتقسم فيهم. وأحصى عمرو بن العاص المسلمين فألزم جميع أهل مصر لكل رجل منهم جبة صوف وبرنسا أو عمامة وسراويل وخفين في كل عام أو بدل الجبة الصوف ثوبا قبطيا. واستبطأ عمر في بعض السنين خراج مصر فكتب إلى عمرو: «أما بعد، فإني فكرت في أمرك والذي أنت عليه، فإذا أرضك أرض واسعة عريضة رفيقة، وقد أعطى الله أهلها عددا وجلدا وقوة في بر وبحر، وأنها قد عالجها الفراعنة، وعملوا فيها عملا محكما مع شدة عتوهم وكفرهم، فعجبت من ذلك، وأعجب مما عجبت أنها لا تؤدي نصف ما كانت تؤديه من الخراج قبل ذلك على غير قحوط ولا جدوب ...» إلى آخر ما قال له، وهز أعصابه بكلمات قاسية، فأجابه عمرو: «لقد عملت لرسول الله ولمن بعده فكنا بحمد الله مؤدين لأمانتنا حافظين لما عظم الله من حق أئمتنا، نرى غير ذلك قبيحا، والعمل به سيئا ...» وقال: «فامض في عملك فإن الله قد نزهني عن تلك الطعم الدنية والرغبة فيها.» فكتب إليه: «إني لم أقدمك إلى مصر أجعلها لك طعمة ولا لقومك، ولكني وجهتك لما رجوت من توفيرك الخراج وحسن سياستك، فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل الخراج فإنما هو فيء المسلمين، وعندي من قد تعلم قوم محصورون ...» فأجابه عمرو: «إن أهل الأرض استنظروني إلى أن تدرك غلتهم فنظرت للمسلمين فكان الرفق خيرا من أن نخرق
39
بهم فيصيروا إلى بيع ما لا غنى بهم عنه.»
ومع هذه الهيمنة من عمر على عماله نراه يشهد لعمرو بن العاص بحسن السياسة دليلا على تقديره عامله قدره، وكان من رأي عمرو بن العاص في سياسة مصر أن الذي يصلح هذه البلاد وينميها، ويقر قاطنيها فيها، ألا يقبل قول خسيسها في رئيسها، ولا يستأدى خراج ثمرة إلا في أوانها. وأن يصرف ثلث ارتفاعها في عمل جسورها وتربتها، وكان عمر يقول إذا رأى رجلا يتلجلج في كلامه: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد. وعمرو بن العاص المثل السائر في حسن السياسة بين رجال العرب، دهش قبط مصر بجميل عمله، فدخلوا في الإسلام كثيرا، وأدى به التسامح أن رفع رجل نصراني إليه أن غرفة بن الحارث الكندي من أصحاب الرسول الذين سكنوا مصر ضربه فوق أنفه، فقال عمرو للصحابي: إنا قد أعطيناهم العهد. كأنه يريد أن يؤاخذ الصحابي بما فعل، فقال غرفة: معاذ الله أن نعطيهم العهد على أن يظهروا شتم النبي، وإنما أعطيناهم العهد على أن نخلي بينهم وبين كنائسهم يقولون فيها ما بدا لهم، وأن لا نحملهم ما لا يطيقون، وإن أرادهم عدو بسوء قاتلنا دونهم، وعلى أن نخلي بينهم وبين أحكامهم إلا أن يأتونا راضين بأحكامنا فنحكم بينهم وإن عيبوا عنا لم نتعرض لهم. فقال عمرو: صدقت. خطب يوما في الجابية من حوران فمما قاله: ألا وإني ما وجدت صلاح ما ولاني الله إلا بثلاث: أداء الأمانة، والأخذ بالقوة، والحكم بما أنزل الله، ألا وإني ما وجدت صلاح هذا المال إلا بثلاث: أن يؤخذ من حق، ويعطى في حق، ويمنع من باطل. كتب معاوية إلى عمر يصف له سوء حال الشام فكتب إليه في مرمة حصونها وترتيب المقاتلة فيها، وإقامة الحرس على مناظيرها واتخاذ المواقيد
40
لها.
جاء عمر الشام مرات أربعا يكشف حال عمالها، ويعنى بقسمة الأرزاق، ويسمي الشواتي والصوائف أي غزوات الشتاء والصيف، ويسد الفروج والمسالح
41
في كل كورة، ويستعمل أناسا على السواحل من كل كورة أو يقسم المواريث بعد طاعون عمواس، وكان هلك فيه من المسلمين خمسة وعشرون ألفا. وقيل إن عماله استقبلوه مرة بأبهة فنزل وأخذ بالحجارة ورماهم بها، وقال: ما أسرع ما رجعتم عن رأيكم إياي؛ تستقبلون في هذا الزي، وإنما شبعتم منذ سنتين! وبالله لو فعلتم هذا على رأس المائتين لاستبدلت بكم غيركم. واعتذر له معاوية عامله في الشام عن الموكب الثقيل الذي كان له قائلا: إنا في بلاد لا تمتنع فيها من جواسيس العدو فلا بد لهم مما يرهبهم من هيبة السلطان فإن أمرتني بذلك قمت عليه، وإن نهيتني عنه انتهيت. فلم يأمره به ولم ينهه عنه. فقال عبد الرحمن بن عوف لعمر: لحسن ما صدر من هذا الفتى عما أوردته فيه فقال: لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه. وقيل: إنه قدم معاوية على عمر من الشام
42
Неизвестная страница