فكيف يقول عاقل -مع هذا الحال- من جميع أصحاب النبي ﷺ من المهاجرين والأنصار: إنهم علموا ذلك من النبي ﷺ، وكتموه، ولم يذكره أحد منهم، ولا احتج به لا العباسُ، ولا أحدٌ من أولاده، ولا من بعدهم؟!!
هذا لا يقوله عاقل، بل ذلك فيه وقوعٌ في إثمٍ كبير؛ حيث اتهم جميع أصحاب النبي ﷺ، بل ومن جملتهم صاحبُ المصلحة العباسُ على كتمانِ ما قاله الرسول، وعَمِلَ على خلافه؟!
وإنما وقع اتفاقهم على أنه لقريش، ولهذا قدم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليّ، ثم معاوية، وليس ثَمَّ منهم من هو العباس، ولا من ولده، فعلم بطلانُ ذلك، وأنه ﵇ لم يقله، ولم يتكلم به، بل قال: إن ذلك في قريش، في أحاديث كثيرة، منها ما هو في "الصحيحين"، ومنها ما هو في غيرهما (١).
ويُشترط -مع ذلك- أن يكون أفضلَ قرشيٍّ يوجد، إما مع الاتفاق على فضله، أو اتفاقِ غالبِ الناس على ذلك؛ كما وقع الاتفاقُ على أفضلية أبي بكر، ثم على عمر، ثم على عثمان، وقد وقع فيه تردُّد كثير ومحاورة، ولهذا قال عبدُ الرحمن لعلي: والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه، فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أتجعلونه
_________
= الحبلى في الزنا إذا أحصنت.
(١) منها: ما رواه البخاري (٣٣٠٩)، كتاب: المناقب، باب: مناقب قريش عن معاوية ﵁ وفيه: "إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله على وجهه ما أقاموا الدين".
1 / 58