فقد بان أن العلة الأولى توجد فى جميع الأشياء بنوع واحد، ولا يوجد فيها جميع الأشياء بنوع واحد. فعلى نحو قربه 〈من〉 العلة الأولى وعلى نحو ما يقتدر الشىء على قبول العلة الأولى — فعلى قدر ذلك يقدر أن ينال منها ويتلذذ بها. وذلك أنه إنما ينال الشىء من العلة الأولى ويتلذذ بها 〈على〉 نحو وجوده. وإنما أعنى بالوجود المعرفة، فإنه على نحو معرفة الشىء بالعلة الأولى المبتدعة — فعلى قدر ذلك ينال منها ويتلذذ بها، كما بينا.
[chapter 24] ٢٤ — باب آخر
كل جوهر قائم بذاته فهو غير مكون 〈من شىء آخر〉. فإن قال قائل: قد يمكن أن يكون مكونا 〈من شىء آخر〉 — قلنا: إذا كان يمكن أن يكون الجوهر القائم بذاته مكونا 〈من شىء آخر〉، لا محالة كان ذلك الجوهر ناقصا محتاجا إلى أن يتممه الذى كونه. والدليل على ذلك الكون نفسه وذلك أن الكون إنما هو طريق من النقصان على التمام. فإن ألفى شىء غير محتاج رجع إلى قوته فى كونه — أى فى صورته وتصويره — إلى شىء آخر وغيره، وكان هو علة تصويره 〈وتمامه〉 — كان تاما 〈كاملا〉 دائما. وإنما صار علة تصويره وتمامه من قبل نظيره إلى غايته دائما. فذلك النظير هو تصويره وتمامه معا.
فقد وضح إذن أن كل جوهر قائم بذاته ليس بمكون من شىء آخر.
Страница 25