ونعود فنقول: إن الهوية الأولى المبتدعة فوق اللانهاية. فأما الهوية الثانية المبتدعة فإنها غير متناهية. والذى بين الهوية الأولى المبتدعة وبين الهوية الثانية المبتدعة لا نهاية. وسائر الفضائل المفردة — 〈مثل〉 الحياة والضياء وما أشبههما — فإنها علل الأشياء كلها ذوات الفضائل، أعنى أن اللانهاية التى هى من العلة الأولى والمعلول الأول هى علة كل حياة، وكذلك سائر الفضائل المتنزلة من العلة الأولى على المعلول الأول أولا وهو العقل، ثم تتنزل على سائر المعلولات العقلية والجسمانية بتوسط العقل.
[chapter 16] ١٦ — باب آخر
كل قوة وحدانية فهى أكثر〈فى〉 اللانهاية من القوة المتكثرة، وذلك أن اللانهاية الأولى 〈التى〉 هى العقل قريبة من الواحد الحق المحض. فمن أجل ذلك صارت كل قوة قريبة من الواحد الحق المحض فاللانهاية فيها أكثر من القوة البعيدة منه. وذلك أن القوة إذا بدأت تتكثر، فإنها تهلك وحدانيتها. فإذا هلكت وحدانيتها، هلكت لانهايتها التى كانت فيها. وإنما تفقد القوة اللانهاية من أجل تجزئتها. والدليل على ذلك القوة المتجزئة وأنها كلما اجتمعت وتوحدت، عظمت واشتدت وفعلت أفاعيل عجيبة؛ وكلما تجزأت وانقسمت، صغرت وضعفت وفعلت أفاعيل خسيسة.
فقد بان إذن ووضح أن القوة كلما قربت من الواحد الحق المحض اشتدت وحدانيتها؛ وكلما اشتدت وحدانيتها كانت اللانهاية فيها أظهر وأبين، وكانت أفاعيلها أفاعيل عظيمة عجيبة شريفة.
Страница 18