أما الأصل الأول: فالذي يدل عليه أن من حق المثلين أن يشتركا في وجوب ما يجب وجواز ما يجوز واستحالة ما يستحيل فيما يكون وجوبه وجوازه واستحالته راجعا إلى ذاته ذلك معلوم قطعا،ألا ترى أن الجوهر من أي الجسمين لما كانا مثلين اشتركا في وجوب ما يجب لهما من التحيز والشغل للجهات وجواز ما يجوز عليهما من التنقل في الأمكنة واستحالة ما يستحيل عليهما من الكون في جهتين في وقت واحد وإنما وجب ذلك لكونهما مثلين ولهذا لم يجب في الجوهر والعرض لما لم يكونا مثلين.فظهر أن العلة في الاشتراك التماثل فإذا كانت العلة هي التماثل وجب اطرادها في جميع ما يصح أن تدعى فيه المشابهة وثبت حكمها الذي هو الاشتراك
فيما ذكر وإلا عاد عليها بالنقض والإبطال، وقوله فيما كان راجعا إلى الذات يحترز مما كان وجوبه وجوازه واستحالته ليس براجع إلى الذات وذلك كوجوب كون الواحد منا مدركا فإن الجماد لا يشاركه في ذلك وإن كان مثلا له وجواز كونه مريدا أوكارها فإن الجماد لا يشاركه في ذلك واستحالة عدم جواز ذلك لما كان هذا الوجوب والجواز والاستحالة غير راجع إلى الذات، وإنما يرجع جواز ذلك ووجوبه واستحالته إلى كوننا أحياء على قول في مدرك وهي ليست بصفة واجبة لنا أو إلى كوننا عالمين في مدرك على قول وهو الصحيح كما مر وهي كذلك فثبت بما ذكرناه الأصل الأول وهو لزوم أن يكون تعالى محدثا كالأشياء أو أن تكون قديمة كالباري عند إدعاء المشابهة بينهما.
Страница 89