Идах Фи Шарх Мисбах
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Жанры
بها، قالوا: لأن السمع ورد بأن الله تعالى لا يفعل ذلك وإن كان العقل يقضي عندهم بجواز ذلك من الله تعالى، وأما الصورة الرابعة فإنهم يجوزونها على الله تعالى ويقولون إن الله يكلف الكافر بالإيمان الذي يمكن غيره من المكلفين إيجاده وكلف الكافر ذلك ولا قدرة له على الإيمان. واختلف أصحابنا هل قبح تكليف مالا يطاق معلوم ضرورة أو استدلالا؟ فقال أبو الحسين وابن الملاحمي: ذلك معلوم ضرورة جملة وتفصيلا فلا يحتاج فساده إلى دليل، قالا: والمجبرة عوام وعلماء فالعوام تبع لعلمائهم والعلماء مكابرون ومتعصبون لمذهبهم الفاسد، والذي عليه الجمهور من أصحابنا أن قبح ذلك جملة معلوم ضرورة في الشاهد والغائب، وأما التفصيل فيحتاج إلى دليل ومن هنا قال الشيخ:- الدليل على ذلك أي أن الله لا يكلف عباده مالا يطيقون ،أن تكليف ما لا يطاق قبيح وقد بينا فيما سلف بالدليل القطعي أن الله تعالى لا يفعل القبيح، وقد بينا فيما تقدم أيضا بطلان أن تكون القدرة موجبة وغير صالحة للضدين وذلك هو أصل مذهبهم (هنا أنه) تعالى يكلف مالا يطاق. وإذا تقرر بطلان هذين الأصلين وهما أنه تعالى يفعل القبيح وأن القدرة موجبة غير صالحة بطل ما تفرع عليهما من القول بجواز تكليف مالا يطاق، لأنه إذا بطل الأصل بطل الفرع، ومتى قيل وما الذي يدل على أن تكليف مالا يطاق قبيح؟ قلنا: قبحه على الجملة هو معلوم ضرورة ولم تدر أنك أيها الخصم ممن يجهل الضروريات فإن غفل عقلك وتاه عن الصواب قلنا منبهين لك على أن ذلك ضروري، ألا ترى أنه يقبح في الشاهد من الواحد منا أن يأمر الأعمى بنقط المصحف نقطا صحيحا، وأن يأمر المقعد بالجري مع الخيل العربية، وأن يأمر من لا جناح له بالطيران، وقبح ذلك معلوم ضرورة، ولم يقبح ذلك إلا لكونه (تكليفا لما) لا يطاق لفقد ما يصح تعليق الحكم عليه سواه فصار القبح يدور على كونه تكليفا لما لا يطاق وجودا وعدما، بدليل أنا متى علمنا أن ذلك تكليف لما لا يطاق قضينا بقبحه، ومتى لم نعلمه تكليفا لما لا يطاق لم نقض بقبحه إذا لم يحصل هناك وجه آخر من وجوه القبح وليس هناك ما تعليق الحكم به أولى إذ لو كان هناك ما تعليق الحكم به أولى لجاز أن نعلمه تكليفا لما لا يطاق ولا نعلم قبحه بأن لا نعلم ذلك الأمر المؤثر في القبح أو لجاز أن نعلم قبحه وإن لم نعلمه لا يطاق ولا علمنا وجها من وجوه القبح سوى ذلك، فلو كلف الله عباده ما لا يقدرون عليه لكان قبيحا والله تعالى لا يفعل القبيح كما تقدم.
Страница 155