123

قال (إمام زماننا أيده الله) في الأساس: وفيه نظر لأنها إن كانت للحفظة كما ذكرتم فأعمال الكفار أوضح منها مع أنهم عليهم السلام لا يرون ما وراء اللباس من العورة كما ورد أنهم يصرفون أبصارهم عند قضاء الحاجة فبالأحرى أنهم لا يرون القلب والله غني عنها لأنه عالم الغيب والشهادة لا يعزب عنه شيء، قال أيده الله تعالى فالتحقيق أنه عبارة عن سلب الله إياهم تنوير القلب الزائد على العقل الكافي لأن من أطاع الله نور الله قلبه قال تعالى{ومن يؤمن بالله يهد قلبه}(التغابن:11) وقال تعالى{والذين اهتدوا زادهم هدى}(محمد:17) وقال تعالى{إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}(الأنفال:29) أي تنويرا كما مر ومن عصى الله لم يمده بشيء من ذلك مادام مصرا على عصيانه فشبه الله سلبه إياهم ذلك التنوير بالختم والطبع، وأما قوله تعالى{وعلى أبصارهم غشاوة}(البقرة:07) وقوله تعالى حاكيا{وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}(فصلت:05) فتشبيه لحالهم حيث لم يعملوا بمقتضى ما سمعوا وأبصروا ولا بنصيحة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمن في أذنيه وقر فلم يسمع وعلى بصره غشاوة فلا يبصر وبمن بينه وبين الناصح حجاب لا تبلغ إليه نصيحته مع ذلك الحجاب.

واعلم أرشدك الله أن الأمة قد اتفقت على أن القدرية اسم ذم وقد ورد في ذمها من الآثار ما هو متفق على صحته وصرنا نترامى نحن والمجبرة بهذا الاسم، فنحن نقول القدرية هم المجبرة وهم يقولون بل أنتم القدرية.

قلنا: طريقة الإنصاف أن نتبع الدليل في ذلك ويشهد بما قلنا ثلاثة أدلة.

Страница 145