الكبير للإمام محمد بن الحسن الشيباني إذ أن في طريقة عرضه للمسائل وبيان أحكامها، تنبيهًا على الفرق بين مسائله المتشابهة (١).
ثم إنه مع نشاط حركة التأليف في الفقه الإسلامي، وتعدد فروعه، وكثرة مسائل الفروق، أحس بعض الفقهاء بالحاجة إلى تدوين مسائل الفروق الفقهية في مدونات خاصة؛ ليكون ذلك أظهر في الإرشاد إليها، وأسهل في الحصول عليها، فبدأ التأليف في هذا الفن في نهاية القرن الثالث وأوائل الرابع الهجري، حينما ألف الإمام أحمد بن سريج الشافعي (ت ٣٠٦ هـ) كتابه (الفروق)، كما ألف في نفس الفترة العلامة محمد بن صالح الكرابيسي الحنفي (ت ٣٢٢ هـ) كتابه (الفروق) (٢) ثم نشطت حركة
_________
(١) انظر: مقدمة محقق فروق الكرابيسي، ١/ ٨.
ومن أمثلة ما جاء في الجامع الكبير ما ذكره في كتاب الصلاة، ص، ٩ بقوله: "رجل وامرأة افتتحا الصلاة مع الإمام، فأحدثا، فتوضآ، وجاءا وقد فرغ الإمام، فقاما يقضيان، فقامت المرأة بحذاء الرجل، فصلاتها تامة، وصلاته فاسدة.
رجل وامرأة أدركا التشهد مع الإمام، فقاما يقضيان، فقامت المرأة بحذائه، فصلاتهما تامة".
ومن أمثلته من كتاب البيوع، ص، ٢٤٤: "رجلان باعا من رجلين عبدين، أو عبدًا بألف، فنقد أحدهما، لم يقبض ما اشترى منه حتى ينقد الآخر، ولو باع كل واحد حصته على حده، كان له أن يقبض حصة الذي ينقده".
(٢) سيأتي الكلام عن هذين الكتابين، وأشير هنا إلى أنه جاء في كشف الظنون، ٢/ ١٢٥٨: أن لأبي عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي كتابًا في: "الفروق" في فروع الشافعية، بينما الكتاب ليس في الفروق الفقهية، وإنما هو في فروق عامة غالبها
فروق لغوية، وقد ذكر السبكي في الطبقات الكبرى، ٢/ ٢٤٥ هذا الكتاب في ترجمة مؤلفه، ونقل عنه، فمما قاله: (ومن تصانيف الترمذي كتاب "الفروق" لا بأس به، بل ليس في بابه مثله، يفرق فيه بين المداراة والمداهنة، والمحاجة والمجادلة، والمناظرة والمغالبة، والانتصار والانتقام، وهلم جرا من أمور متقاربة المعنى).
ويوجد. منه نسخة مصورة على الميكروفيلم بالمكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (٦٦٤٩/ ف).
تنبيه: جاء في كشف الظنون أن وفاة الترمذي سنة (٢٥٥ هـ) بينما ذكر السبكي: أنه حدَّث بنيسابور سنة (٢٨٥ هـ) وجاء في معجم المؤلفين، ١٠/ ٣١٥: أنه كان حيًا سنة (٣١٨ هـ) وجاء في بطاقة المعلومات عن الكتاب في جامعة الإمام: أنه توفي سنة (٣٢٠ هـ).
1 / 24