Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Редактор
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
وَأَمَّا إِنْ لَمْ تَنْتَظِمْهَا أَدِلَّةُ الذَّمِّ؛ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ مِنْ أَقْسَامِ الْبِدَعِ مَا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، بَلْ هُوَ مِمَّا يُتَعَبَّدُ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ وَلَا غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ أَصْلٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَحِينَئِذٍ يَشْمَلُ هَذَا الْأَصْلُ كُلَّ مُلْتَزَمٍ تَعَبُّدِيٍّ كَانَ لَهُ أَصْلٌ أَمْ لَا؟ لَكِنْ فَحَيْثُ يَكُونُ لَهُ أَصْلٌ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا عَلَى التَّفْصِيلِ؛ كَتَخْصِيصِ لَيْلَةِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ ﷺ بِالْقِيَامِ فِيهَا، وَيَوْمِهِ بِالصِّيَامِ، أَوْ بِرَكَعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَقِيَامِ لَيْلَةِ أَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَالْتِزَامِ الدُّعَاءِ جَهْرًا بِآثَارِ الصَّلَوَاتِ مَعَ انْتِصَابِ الْإِمَامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ أَصْلٌ جَلِيٌّ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْخَرِمُ كُلُّ مَا تَقَدَّمَ تَأْصِيلُهُ.
وَالْجَوَابُ:
عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْإِقْرَارَ صَحِيحٌ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ النَّهْيِ الْإِرْشَادُ لِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ؛ فَإِنَّ النَّهْيَ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ خَلَلٍ فِي نَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَلَا فِي رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الْخَوْفِ مِنْ أَمْرٍ مُتَوَقَّعٍ؛ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: " إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الْوِصَالِ إِنَّمَا كَانَ رَحْمَةً لِلْأُمَّةِ "، وَقَدْ وَاصَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَنْ تَبِعَهُ فِي الْوِصَالِ كَالْمُنَكِّلِ بِهِمْ، وَلَوْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ لَمَا فَعَلَ.
فَانْظُرْ كَيْفَ اجْتَمَعَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَوْنُهُ عِبَادَةً وَمَنْهِيًّا عَنْهُ، لَكِنْ بِاعْتِبَارَيْنِ.
وَنَظِيرُهُ فِي الْفِقْهِيَّاتِ مَا يَقُولُهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهُ نُهِيَ عَنْهُ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ بَيْعًا، بَلْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مَانِعًا مِنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ، فَيُجِيزُونَ الْبَيْعَ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَيَجْعَلُونَهُ فَاسِدًا، وَإِنْ وُجِدَ
1 / 412