Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Редактор
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
مَا قُلْتُمْ، إِذْ لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ خِيَرَةٌ فِيهِ.
فَكَمَا أَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِالرِّفْقِ بِغَيْرِهِ؛ كَذَلِكَ هُوَ مُكَلَّفٌ بِالرِّفْقِ بِنَفْسِهِ:
وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ ﵇: «إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا. . .» إِلَى آخَرِ الْحَدِيثِ، فَقَرَنَ حَقَّ النَّفْسِ بِحَقِّ الْغَيْرِ فِي الطَّلَبِ فِي قَوْلِهِ: «فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ»، ثُمَّ جَعَلَ ذَلِكَ حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ، وَلَا يُطْلَقُ هَذَا اللَّفْظُ إِلَّا عَلَى مَا كَانَ لَازِمًا.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُبِيحَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ دَمَهُ، وَلَا قَطْعَ طَرْفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ، وَلَا إِيلَامَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْآلَامِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؛ أَثِمَ وَاسْتَحَقَّ الْعِقَابَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ، وَرَاجِعٌ إِلَى خِيَرَتِهِ؛ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، إِذْ قَدْ تَبَيَّنَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَةً مِنْ حَقِّ اللَّهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ - فِيمَا نَحْنُ فِيهِ - أَنَّهُ لَوْ كَانَ إِلَى خِيَرَتِنَا بِإِطْلَاقٍ؛ لَمْ يَقَعِ النَّهْيُ فِيهِ عَلَيْنَا، بَلْ كُنَّا نُخَيَّرُ فِيهِ ابْتِدَاءً، وَإِلَى ذَلِكَ [يُشِيرُ قَوْلُهُ ﷺ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ؛ فَلْيُطِعْهُ»]؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ بِخِيَرَةِ الْمُكَلَّفِ مَحْضًا؛ لَجَازَ لِلنَّاذِرِ الْعِبَادَةَ أَنْ يَتْرُكَهَا مَتَى شَاءَ، وَيَفْعَلَهَا مَتَى شَاءَ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ، فَيَجْرِي مَا أَشْبَهَ مَجْرَاهُ.
وَأَيْضًا؛ فَقَدْ فَهِمْنَا مِنَ الشَّرْعِ أَنَّهُ حَبَّبَ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِنَا،
1 / 407