Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Исследователь
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
فَلَمَّا مَضَى هَدْيٌ مِنَ اللَّيْلِ؛ أَمْرَ الْحَارِثُ قَارِئًا يَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى الْحَدْوِ، فَقَرَأَ، فَبَكَى بَعْضُهُمْ، وَانْتَخَبَ آخَرُونَ، ثُمَّ سَكَتَ الْقَارِئُ، فَدَعَا الْحَارِثُ بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ.
فَلَمَّا أَصْبَحُوا؛ قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ كَانَ بَلَغَنِي أَنَّ هَاهُنَا مَجَالِسَ لِلذِّكْرِ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ تِلْكَ الْمَجَالِسِ؛ فَلَا أُنْكِرُ مِنْهَا شَيْئًا.
فَفِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ أَنَّ أَحْوَالَ الصُّوفِيَّةِ تُوزَنُ بِمِيزَانِ الشَّرْعِ، وَأَنَّ مَجَالِسَ الذِّكْرِ لَيْسَتْ مَا زَعَمَ هَؤُلَاءِ، بَلْ مَا تَقَدَّمَ لَنَا ذِكْرُهُ، وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا اعْتَادُوهُ؛ فَهُوَ مِمَّا يُنْكَرُ.
وَالْحَارِثُ الْمُحَاسَبِيُّ مِنْ كِبَارِ الصُّوفِيَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ.
فَإِذًا؛ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُجِيبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ، إِذْ بَايَنُوا الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَالْأَمْثِلَةُ فِي الْبَابِ كَثِيرَةٌ، لَوْ تُتُبِّعَتْ؛ لَخَرَجْنَا عَنِ الْمَقْصُودِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا أَمْثِلَةً تُبَيِّنُ مِنَ اسْتِدْلَالَاتِهِمُ الْوَاهِيَةِ مَا يُضَاهِيهَا، وَحَاصِلُهَا الْخُرُوجُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْضَحَهُ الْعُلَمَاءُ، وَبَيَّنَهُ الْأَئِمَّةُ، وَحَصَرَ أَنْوَاعَهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.
وَمَنْ نَظَرَ إِلَى طُرُقِ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي الِاسْتِدْلَالِ؛ عَرَفَ أَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ؛ لِأَنَّهَا سَيَّالَةٌ لَا تَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ، وَعَلَى (كُلِّ) وَجْهٍ يَصِحُّ لِكُلِّ زَائِغٍ وَكَافِرٍ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى زَيْغِهِ وَكُفْرِهِ حَتَّى يَنْسِبَ النِّحْلَةَ الَّتِي الْتَزَمَهَا إِلَى الشَّرِيعَةِ.
فَقَدْ رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا عَنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى كُفْرِهِ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ،
1 / 363