Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Исследователь
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
وَعَنْ أَبِي مُوسَى؛ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا؛ إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ»، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ تَمَامِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَلَمْ يَكُونُوا ﵃ يُكَبِّرُونَ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنَّهُ نَهَاهُمْ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ؛ لِيَكُونُوا مُمْتَثِلِينَ لِلْآيَةِ.
وَقَدْ جَاءَ عَنِ السَّلَفِ أَيْضًا النَّهْيُ عَنِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ بِالْهَيْئَةِ الَّتِي يَجْتَمِعُ عَلَيْهَا هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعُونَ، وَجَاءَ عَنْهُمُ النَّهْيُ عَنِ الْمَسَاجِدِ الْمُتَّخَذَةِ لِذَلِكَ، وَهِيَ الرُّبْطُ الَّتِي يُسَمُّونَهَا بِالصُّفَّةِ. ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ وَضَّاحٍ وَغَيْرُهُمَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ.
فَالْحَاصِلُ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ حَسَّنُوا الظَّنَّ بِأَنَّهُمْ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ (مُصِيبُونَ)، وَأَسَاءُوا الظَّنَّ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ أَهْلِ الْعَمَلِ الرَّاجِحِ الصَّرِيحِ وَأَهْلِ الدِّينِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ لَمَّا طَالَبَهُمْ لِسَانُ الْحَالِ بِالْحُجَّةِ؛ أَخَذُوا كَلَامَ الْمُجِيبِ وَهُمْ لَا يَعْمَلُونَ، وَقَوَّلُوهُ مَا لَا يَرْضَى بِهِ الْعُلَمَاءُ.
وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي كَلَامٍ آخَرَ؛ إِذْ سُئِلَ عَنْ ذِكْرِ فُقَرَاءِ زَمَانِنَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَجَالِسَ الذِّكْرِ الْمَذْكُورَةَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ؛ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي يُتْلَى فِيهَا الْقُرْآنُ، وَالَّتِي يُتَعَلَّمُ فِيهَا الْعِلْمُ وَالدِّينُ، وَالَّتِي تَعْمُرُ بِالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ بِالْآخِرَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ؛ كَمَجَالِسِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَأَضْرَابِهِمْ.
أَمَّا مَجَالِسُ الذِّكْرِ اللِّسَانِيِّ فَقَدْ صَرَّحَ بِهَا فِي حَدِيثِ الْمَلَائِكَةِ السَّيَّاحِينَ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَهْرًا بِالْكَلِمَاتِ، وَلَا رَفْعَ أَصْوَاتٍ، وَكَذَلِكَ
1 / 343