Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Редактор
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Издание
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
ثُمَّ إِذَا فَهِمْنَا التَّوْسِعَةَ؛ فَلَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِحَيْثُ لَا يُوهِمُ التَّخْصِيصُ زَمَانًا دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ مَكَانًا دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ كَيْفِيَّةٍ دُونَ غَيْرِهَا، أَوْ يُوهِمُ انْتِقَالَ الْحُكْمِ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ - مَثَلًا - إِلَى السُّنَّةِ أَوِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَا - فِي مَجَامِعِ النَّاسِ أَوْ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ - مُوهِمًا لِكَوْنِهِ سُنَّةً أَوْ فَرْضًا. . . . بَلْ هُوَ كَذَلِكَ.
أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ مَا أَظْهَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَوَاظَبَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ؛ إِذَا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا؛ فَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ؛ كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ بِخِلَافِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَسَائِرِ النَّوَافِلِ؛ فَإِنَّهَا مُسْتَحِبَّاتٌ، وَنَدَبَ ﷺ إِلَى إِخْفَائِهَا، وَإِنَّمَا يَضُرُّ إِذَا كَانَتْ تُشَاعُ وَيُعْلَنُ بِهَا.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْأَصْلِ الْتِزَامُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ بِالْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مُعْلَنًا بِهَا فِي الْجَمَاعَاتِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَصْلٌ بِنَاءُ طَائِفَةٍ مِنْهُمُ الظَّوَاهِرَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَى تَأْوِيلَاتٍ لَا تُعْقَلُ]
فَصْلٌ
وَمِنْهَا بِنَاءُ طَائِفَةٍ مِنْهُمُ الظَّوَاهِرَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَى تَأْوِيلَاتٍ لَا تُعْقَلُ يَدَّعُونَ فِيهَا أَنَّهَا (هِيَ) الْمَقْصُودُ وَالْمُرَادُ، لَا مَا يَفْهَمُ الْعَرَبِيُّ مِنْهَا - مُسْنَدَةً عِنْدَهُمْ إِلَى أَصْلٍ لَا يُعْقَلُ:
وَذَلِكَ أَنَّهُمْ - فِيمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ - قَوْمٌ أَرَادُوا إِبْطَالَ الشَّرِيعَةِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَإِلْقَاءَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ؛ لِيَنْحَلَّ الدِّينُ فِي أَيْدِيهِمْ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ إِلْقَاءُ ذَلِكَ صَرَاحًا؛ فَيُرَدُّ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ وَتَمْتَدُّ إِلَيْهِمْ أَيْدِي
1 / 321