Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Исследователь
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
الْفِرَقِ، فَلَهُ مِنَ الْإِثْمِ الْعَظِيمِ أَوْفَرُ حَظٍّ.
وَمِثَالُهُ قِصَّةُ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»، وَأَخْبَارُهُمْ شَهِيرَةٌ.
وَقَدْ لَا يَخْرُجُونَ هَذَا الْخُرُوجَ، بَلْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى الدَّعْوَةِ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ أَدْعَى إِلَى الْإِجَابَةِ، لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنَ الْإِكْرَاهِ وَالْإِخَافَةِ، فَلَا هُوَ مُجَرَّدُ دَعْوَةٍ، وَلَا هُوَ شَقُّ الْعَصَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَى دَعْوَةٍ بِأُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْوُلَاةِ وَالسَّلَاطِينِ; فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ هُنَا أَقْوَى بِسَبَبِ خَوْفِ الْوُلَاةِ فِي الْإِيقَاعِ بِالْآبِي سِجْنًا أَوْ ضَرْبًا أَوْ قَتْلًا، كَمَا اتَّفَقَ لِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ فِي زَمَنِ الْمَأْمُونِ، وَلِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادَ فِي خِلَافَةِ الْوَاثِقِ، وَكَمَا اتَّفَقَ لِعُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْأَنْدَلُسِ، إِذْ صَارَتْ وِلَايَتُهَا لِلْمَهْدِيِّينَ، فَمَزَّقُوا كُتُبَ الْمَالِكِيَّةِ، وَسَمَّوْهَا كُتُبَ الرَّأْيِ، وَنَكَّلُوا بِجُمْلَةٍ مِنَ الْفُضَلَاءِ بِسَبَبِ أَخْذِهِمْ فِي الشَّرِيعَةِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ. وَكَانُوا هُمْ مُرْتَكِبِينَ لِلظَّاهِرِيَّةِ الْمَحْضَةِ، الَّتِي هِيَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِدْعَةٌ ظَهَرَتْ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَيَا لَيْتَهُمْ وَافَقُوا مَذْهَبَ دَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ! لَكِنَّهُمْ تَعَدَّوْا ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالُوا بِرَأْيِهِمْ، وَوَضَعُوا لِلنَّاسِ مَذَاهِبَ لَا عَهْدَ (لَهُمْ) بِهَا فِي الشَّرِيعَةِ، وَحَمَلُوهُمْ عَلَيْهَا طَوْعًا أَوْ كُرْهًا، حَتَّى عَمَّ دَاؤُهَا فِي النَّاسِ، وَثَبَتَتْ زَمَانًا طَوِيلًا، ثُمَّ ذَهَبَ مِنْهَا جُمْلَةٌ وَبَقِيَتْ أُخْرَى إِلَى الْيَوْمِ، وَلَعَلَّ الزَّمَانَ يَتَّسِعُ إِلَى ذِكْرِ جُمْلَةٍ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابِ بِحَوْلِ اللَّهِ.
فَهَذَا الْوَجْهُ، الْوِزْرُ فِيهِ أَعْظَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الدَّعْوَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1 / 220