Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Редактор
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Издание
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
Регионы
•Испания
الْأَدِلَّةِ إِذَا دَلَّ عَلَى أَمْرٍ بِظَاهِرِهِ، فَهُوَ الْحَقُّ، فَإِنْ جَاءَ عَلَى مَا ظَاهِرُهُ الْخِلَافُ; فَهُوَ النَّادِرُ وَالْقَلِيلُ، فَكَانَ مِنْ حَقِّ الظَّاهِرِ رَدُّ الْقَلِيلِ إِلَى الْكَثِيرِ، وَالْمُتَشَابِهِ إِلَى الْوَاضِحِ.
غَيْرَ أَنَّ الْهَوَى زَاغَ بِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ زَيْغَهُ، فَهُوَ فِي تِيهٍ مِنْ حَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ; بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُبْتَدِعِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ الْهِدَايَةَ إِلَى الْحَقِّ أَوَّلَ مَطَالِبِهِ، وَأَخَّرَ هَوَاهُ إِنْ كَانَ فَجَعَلَهُ بِالتَّبَعِ، فَوَجَدَ جُمْهُورَ الْأَدِلَّةِ وَمُعْظَمَ الْكِتَابِ وَاضِحًا فِي الطَّلَبِ الَّذِي بَحَثَ عَنْهُ، فَوَجَدَ الْجَادَّةَ، وَمَا شَذَّ لَهُ عَنْ ذَلِكَ; فَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكِلَهُ إِلَى عَالِمِهِ، وَلَا يَتَكَلَّفُ الْبَحْثَ عَنْ تَأْوِيلِهِ.
وَفَيْصَلُ الْقَضِيَّةِ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٧]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧].
فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ مُبْتَدِعًا وَلَا ضَالًّا، وَإِنْ حَصَلَ فِي الْخِلَافِ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِ.
أَمَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُبْتَدِعٍ; فَلِأَنَّهُ اتَّبَعَ الْأَدِلَّةَ; مُلْقِيًا إِلَيْهَا حِكْمَةَ الِانْقِيَادِ، بَاسِطًا يَدَ الِافْتِقَارِ، مُؤَخِّرًا هَوَاهُ، وَمُقَدِّمًا لِأَمْرِ اللَّهِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ غَيْرَ ضَالِّ; فَلِأَنَّهُ عَلَى الْجَادَّةِ سَلَكَ، وَإِلَيْهَا لَجَأَ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا يَوْمًا فَأَخْطَأَ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، بَلْ يَكُونُ مَأْجُورًا حَسْبَمَا بَيَّنَهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: " «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ; فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ; فَلَهُ
1 / 178