119

Иктисам

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Редактор

سليم بن عيد الهلالي

Издатель

دار ابن عفان

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Место издания

السعودية

وَأَضَلُّوا.
وَعَنْ دَرَّاجِ بْنِ السَّمْحِ قَالَ: " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ; يُسَمِّنُ الرَّجُلُ رَاحِلَتَهُ حَتَّى تَعْقِدَ شَحْمًا، ثُمَّ يَسِيرُ عَلَيْهَا فِي الْأَمْصَارِ حَتَّى تَعُودَ نَقْضًا، يَلْتَمِسُ مَنْ يُفْتِيهِ بِسُّنَّةٍ قَدْ عَمِلَ بِهَا فَلَا يَجِدُ إِلَّا مَنْ يُفْتِيهِ بِالظَّنِّ ".
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّأْيِ الْمَقْصُودِ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ:
فَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُرَادُ بِهِ رَأْيُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفِينَ لِلسُّنَنِ، لَكِنْ فِي الِاعْتِقَادِ كَمَذْهَبِ جَهْمٍ وَسَائِرِ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْكَلَامِ، لِأَنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا آرَاءَهُمْ فِي رَدِّ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بَلْ وَفِي رَدِّ ظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ; لِغَيْرِ سَبَبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ وَيَقْتَضِي التَّأْوِيلَ، كَمَا قَالُوا بِنَفْيِ الرُّؤْيَةِ نَفْيًا لِلظَّاهِرِ بِالْمُحْتَمَلَاتِ، وَنَفْيِ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَنَفْيِ الْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ. وَكَذَلِكَ رَدُّوا أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ وَالْحَوْضِ إِلَى أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْكَلَامِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا الرَّأْيُ الْمَذْمُومُ الْمَعِيبُ الرَّأْيُ الْمُبْتَدَعُ، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ ضُرُوبِ الْبِدَعِ، فَإِنَّ حَقَائِقَ جَمِيعِ الْبِدَعِ رُجُوعٌ إِلَى الرَّأْيِ، وَخُرُوجٌ عَنِ الشَّرْعِ.
وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ، إِذِ الْأَدِلَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا تَقْتَضِي بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبِدَعِ نَوْعًا دُونَ نَوْعٍ، بَلْ ظَاهِرُهَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي كُلِّ بِدْعَةٍ، حَدَثَتْ أَوْ تَحْدُثُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَانَتْ مِنَ الْأُصُولِ أَوِ الْفُرُوعِ، كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩] ; بَعْدَمَا حَكَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخَوَارِجِ.

1 / 136