135

أليس في مائة قد عاشها رجل وفي تكامل عشر بعدها عبر

فعاش حتى بلغ مائة وثلاثين سنة، فقال:

وعمرت حينا بعد مجرى وداحس فلو كان للنفس اللجوج خلود

فعاش حتى بلغ أربعين ومائة، فقال:

ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد؟

فقال عبدالملك بن مروان: ما بي من بأس، اقعد يا شعبي ما بينك وبين الليل، فحدثني.

قال: فحادثته حتى أمسيت ثم فارقته، فمات والله جوف الليل.

وأخبرني أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدثنا علي بن مهران، حدثنا أحمد بن الحسين بن مدرك، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا أبو خليد القاري، عن سعيد بن بشير، عن قتادة: أن عبدالملك بن مروان كتب إلى الحجاج: أن أجمع إلي بأجمع رجل عندك، فبعث إليه: بالشعبي، فدخل عليه.

قال الشعبي: فدعى عبدالملك بطعامه فأكلنا وأكل منه فأغصه، فأمسك حتى ذهب غصصه، ثم أنشأ يقول:

كأني وقد جاوزت سبعين حجة خلعت بها عني عذار لجامي

فسرد الخبر الأول إلى قوله: فعاش عشرين ومائة سنة، فقال:

ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد؟

قال: فطمع عبدالملك أن يعيش ما عاش لبيد.

قال: حاجتك يا عامر؟

قال: حاجتي أن تردني إلى أهلي.

قال: ففعل ذلك.

*وبلغ زر بن حبيشما أنشد الشعبي عبدالملك بن مروان،فكتب إليه: يا أمير المؤمنين:

إذا الرجال ولدت أولادها وجعلت أوصابها تعتادها

واضطربت من كبر أجسادها تلك زروع قد دنى حصادها

فلما قرأه عبدالملك بن مروان.

قال: صدقنا والله زر بن حبيش، وغرنا عامر الشعبي.

* مصنفه: يتدلون إلى الملوك بما يريحهم ويسرهم في الحال، وإن أعقبهم عرة الوبال، ابتغاء حطهم لا حظهم، وهل الدهر إلا كما قال الشاعر:

Страница 167