بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الكتاب: إعراب القرآن العظيم
المؤلف: شيخ الإسلام / أبو يحيى زكريا الأنصاري
المتوفى ٩٢٦
حققه وعلق عليه: د. موسى على موسى مسعود (رسالة ما جستير)
دار النشر: لا توجد
الطبعة الأولى: ١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 160
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سورة الفاتحة
قوله: (بِسْم اللهِ):
إنْ قيل: لِمَ حُذِفَت الألفُ هنا، وأثْبتَتْ في: (اقرأْ
باسم ربك "؟.
قيل: حذفت هنا؛ لكثرة الاستعمال.
فإن قيل: كيف أُضيفَ الاسمُ إلى الله، والله هو الاسم؟
قيل: الاسم لازم للمسمى، والتسمية غير الاسم.
وقيل: في الكلام حذف مضاف، تقديره: باسم مسمى الله.
والأصل في الله: الإله، فألْقِيَتْ حركة الهمزة على اللام المعرّفة، ثم سكنت وأدغمت في اللام الثانية، ثُمَّ فُخمَتْ إذا لم يكن قبلها كسرة، ورققت إذا كان قبلها كسرة.
والتفخيم في هذا الاسم من خواصّهِ.
1 / 161
قوله: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): صفتان مشتقتان من الرحمة. و(الرحمنُ " من أبنية المبالغة.
وفى " الرحيم " مبالغة أيضًا، إلا أن " فعلانا " أبلغ من " فعيل ".
وجرهما على الصفة، والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف.
قوله: (الْحَمْدُ للهِ): (الحمد): مبتدأ. و(لله): الخبر، واللام متعلقة: بحذوف، أي: واجب أو ثابت.
قوله: (رَبِّ): مصدر ربّ يرُبُّ، ثم جعل صفة، كـ " عدل وخصم ".
قوله: (الْعَالَمِينَ): واحدهُ: عالَم.
قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ): صفة، وقرئ: مَالِكِ.
فإن أريد به الحال أو الاستقبال فلا يتعرف فلا يصير صفة، وإن أريد به المضى تعرف وصار صفة.
قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ):
(إياك " و(إياك): مفعولان مقدمان
للاهتمام. وأصل " نَسْتَعِينُ" نَسْتَعْوِنُ، على وزن نَسْتَفْعِل، فاستُثْقِلَت الكسرة على الواو،، فنُقِلَتْ إلى العين، ثم قُلِبَتْ ياء، لسكونها وانكسار ما قبلها.
قوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ)، (اهدنا): أمر، وهو مبنى عند البصريين، ومعرب بلام محذوفة عند الكوفيين.
و(اهد): يتعدى إلى مفعولين.
قوله: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) .
" غير " هنا: بدل من " الذين " أو من: الهاء والميم في: (عليهم ".
1 / 162
وقيل: هو صفة.
فإن قيلَ: كيف يكون صفة وهو نكرة؛ لأن " غيرًا " لا يتعرف بالإضافة؟
فالجواب على ذلك من وجهين:
أحدهما: أن " غيرًا " إذا وقعت بين متضادين تعرفت، وهنا وقعت كذلك.
والثاني: أن " الذين " قريب من النكرة؛ لأنه لم يُقْصَدْ بهم ناس بأعيانهم
و" عليهم): في محل رفع بـ " المغضوب "؛ لأنه اسم مفعول.
قوله: (ولا الضالينَ ":
(لا): زائدة؛ للتأكيد عند البصريين.
وبمعنى:، (غير) عند الكوفيين.
وأما " آمِينَ " ْ فهى اسم فعل ومعناه: استجب اللهمَّ، والله أعلم.
1 / 163
سورة البقرة
قوله: (الم):
موضعها جر؛ على القسم، وحرف القسم محذوف، وبقى
عمله، بعد الحذف؛ لأف مراد، فهو كاللفوظ به،، كما قالوا: (اللهِ لَتَفْعَلَنَّ " في لغة، مَنْ جرّ ".
وقيل: موضعها نصب، على تقدير حذف القسم، كما تقول: (اللهَ لأفْعَلَنَّ ".
أو الناصب فعل محذوف تقديره: (التزمت اللهَ، أي: اليمين، بالله.
وقيل: على أنه مفعول به تقديره: (اتلُ آلم "،.
قوله: (ذلكَ "؛ اسم إشارة؛ " ذا): الاسم، والألف من جملة الاسم.
وقال الكوفيون: الذال وحدها هي الاسم، والألف زائدة؛ لتكثير
الكلمة.
ويجوز أن يكون " الم " مبتدأ. و(ذلك): خبره.
و" الكتاب): صفة اسم الإشارة، أو عطف بيان.
قوله: (لا رَيبَ فيهِ): الجملة حالية، أي: ذلك الكتاب حقٍّا و(فيه):
خبر " لا ".
قوله: (هُدًى): مصدر في موضع الحال، أي في حال كونه هاديا، وألف " هدى " منقلبة عن ياء لقولهم: هديت، والهدي.
قوله: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ): صفة " للمتقين "
وأصل " يُؤْمِنُونَ " يُأَأمنون - بهمزتين - والماضي منه: آمن، وأصله: أأمن، ووزنه:
1 / 164
" أفعلَ "، فالأولى مزيدة، والثانية أصلية؛ لأنه من الأمن، ثم قُلِبَتِ الأصلية ألفًا، وإنما انقلبتْ ألفا؛ لوقوعها ساكنة بعد حرف مفتوح.
قوله: (وَيُقِيمُونَ): أصله: (يُقْوِمُون "؛ استثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى القاف قبلها، وقلبت الواو ياءً؛ لانكسار ما قبلها.
قوله: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) أصله: (رزقناهموه) .
قلت: وهنا سؤال: لأن الضمِير المحذوف لا يخلو: إما أن يكون متصلًا،
أو منفصلًا؛ فإن كان منفصلا، فلا يجوز حذفه، وإن كان متصلا، اجتمع ضميرا غيبة.
قوله: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ. . .): (الجملة خبر " إن ".
قوله،: (اشْتَرَوُا " أصله: اشْتَرَيَوا، فقلبت الياء واوا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت؛ لالتقاء الساكنين.
قوله: (استوْقَدَ "، بمعنى: أوقد - كاستجاب، بمعنى: أجاب.
1 / 165
كما قال:
وَداع دَعَا يَا مَنْ يجِيبُ إِلَى النَّدَى. . . فَلَمْ يَسْتَجْبِهُ عِندَ ذَاكَ مُجِيبُ
وكدا استقر،: بمعنى: أقر.
وقيل: استوقد لا يكون بمعنى أوقد، كما لا يكون استعلم بمعنى: أعلم.
قوله: (أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ):
يجوز في " أضاءت " أن يكون الفعل متعديًا، وأن يكون قاصرا.
تقول في تعديته: أضاءت الشمس البقعة، وأضاء القمر الدار.
ومنه قول الفرزدق:
أعِدْ نَظَرًا يَا عَبْدَ شَمْسِ لَعَلَّمَا. . . أضَاءَتْ لَكَ النَّارُ الْحِمَارَ الْمُقَيَّدَا
ويجوز أن تكون " ما " في محل رفع على الفاعلية، فتكون "ما" موصولة، ويعضده، قراءة من قرأ:
1 / 166
(فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ)، وأتى بالتاء؛ حملا على المعنى؛ لأن ما حول المستوقد بقاع وأماكن.
قوله: (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ): جواب " لما "، وقيل: هو محذوف؛ كما حذف في قوله: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ)، أي: فلما أضاءت ما حوله خمدتْ.
قوله: (صُمٌّ)، جمع أصم.
يقال: أصم وصم وصمان.
وقياس " أفعل " إذا كان صفة أن يجمع على " فُعْل " و(أفاكل " كـ " أحمر يجمع على: حمر، وأحَامِر ".
قوله: (كَصَيِّبٍ)، أصلها: صَيْوِب، على " فيعل "، فأبدلت الواو
ياء؛ لاجتماعهما، وأحد الحرفين ساكن وهو قياس مطرد تقدمت الواو
أو تأخرت. نحو: لويت عنقه ليا، وأصله لويا.
قوله: (كُلَّمَا أَضَاءَ): ظرف والعامل فيه الجواب.
قوله: (ولو شَاءَ اللهُ لَذَهَب "، مفعول " شاء " محذوف، وحسُن حذفه؛ لأن الجواب يدل عليه، والتقدير: ولو شاء الله أن يذهب لذهب.
قوله: (وَقُودها " - بالفتح -: هو الحطب، وبالضم: الإيقاد، كالوَضُوءِ والوُضُوءِ.
فالوَضُوءُ - بالفتح -: الماء الذي يُتَوَضَّا به.
والوضُوء - بالضم -: المصدر، وهو فعل المتوضىء.
1 / 167
قوله: (يَسْتَحْيِي) - بيائين -: لغة أهل الحجاز، ووزنه: (يستفعل "، ويتعدى بنفسه وبالحرف؛ يقال: استحييت منه، واستحييته، بمعنى.
وعينه ولامه: ياءان، من الحياء، وبياء واحدة: لغة تميم، ووزنه: (يستفع "، والمحذوفة هي الواو؛ لتطرفها.
قوله: (لِلْمَلاَئِكةِ):
جمع: مَلَك، والتاء فيه لتأنيث الجمع.
وقيل: للمبالغة، كعلّامة وفهّامة.
واختلف في الملائكة في واحدها، وأصلها.
فقيل: واحدهم في الأصل: (مَأْلَك " على " مَفْعَل "؛ لأنه مشتق من " الألوكة "،
فالهمزة فاء الكلمة، ثم أخرت فجعلت اللام، فقالوا: (مَلأَك "، فوزنه الآن: (مَغفَل "
والجمع: ملائكة على " مَعَافِلة ".
وقيل: أصله: (لأك "، فعين الكلمة همزة، وعلى كلا القولين: ألقيت حركة الهمزة على اللام، وحذفت، فلما جمعت ردت فوزنه الآن: (مفاعلة ".
قوله: (يَا بَنِى " أصله: (بنو " على " فَعَلٌ " والذاهب منه واو عند قوم، وياء عند آخرين.
والألف عوض عن الذاهب.
قوله: (وأوفوا بِعَهْدِى " أصله: (أوْفيُوا "، استثقلت الضمة على الياء، فاعلت، إما بالنقل إلى الفاء، وإما بالحذف، وحذفت؛ لسكونها، وسكون ما بعدها.
يقال: وَفَى وَفِى بكذا، وأوْفَى، وَوَفَّى، بمعنى،
فإن قلت: أين "أوَفَى" في الفرآن؟
قيل: أخِذَ من قوله: (وَمَنْ أوْفَى بِعَهْدِهِ)؛ لأن أفعل التفضيل لا يستعمل إلا من الثلاثى.
1 / 168
قوله (أول) وزنه (أفعل)، وفاؤه وعينه واوان عند سيبويه.
ولم ينطق منه بـ "فعل"؛ لاعتلال الفاء والعين.
وتأنيثه: أولى، والأصل: وولى، فأبدلت الواو همزة لانضمامها ضما لازما.
وقال الكوفيون: أصله من: وأل يأل: إذا نجا.
فأصلها: أوألها، ثم خففت الهمزة بأن أبدلت واوا، ثم أدغمت الأولى فيها.
وهذا ليس بقياس بل القياس في مثل هذه الهمزة: أن تلقي حركتها على الساكن قبلها، وتحذف.
وقال بعضهم: هي من آل يئول، فأصل الكلمة "أَأْوَل"، ثم أخرت الهمزة الثانية فجعلت بعد الواو، ثم عمل فيها ما عمل في الوجه الذي قبلها، فوزنه الآن: "أعفل".
قوله: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ): تخلطوا.
يقال: لبس - بفتح العين في الماضي، وكسرها في المضارع -، ولبست الثوب ألبسه - بالكسر في الماضي والفتح في المضارع -.
قوله: (وَتَكْتُمُوا): يجوز أن يكون مجزوما داخلًا في حكم النهي، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار "أن" و"الواو"؛ للجمع كالتي في قولك: "لا تأكل السمك وتشرب اللبن".
1 / 169
وقوله:
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقِ. . .
قوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ".
أصل " أقيموا " و(آتوا): (أقِوْموا "؛ فاعل بالقلب بعد النقل، كما أعل الماضي بالقلب.
و(أَأْتيوا): استثقلت الضمة على الياء فألقيت على التاء، بعد حذف حركتها، أو حذفت وضمت؛ لتصح الواو.
قوله: (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ".
أصله: (أهل،؛ فقلبت هاؤه همزة، ثم قلبت الهمزة
ألفا؛ كراهة اجتماع المثلين، كما فعل بـ " أأدم ".
وقيل: (أصله " أوْل ".
قوله: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً "
لم يقل " يوما "؛ لأن الشهور عدتها بالليالى.
قوله: (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ "
أصله: (اوتخذا من " وخذ " كـ " وعد "، فأدغم الواو بعد قلبها
تاء في تاء الافتعال أي: ثم اتخذتم العجل إلها.
قوله: (نرَى اللهَ جَهْرَةَ "
أصل " نرى): نَرأَى، فحذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى الراء.
1 / 170
و" جهرة): مصدر في موضع الحال، إما من الضمير في " نَرَى "، أي: معاينين، أو من الضمير في " قُلْتُم،، أي: قلتم ذلك مجاهرين.
وقيل: انتصابه على المصدر؛ لأنه نوع من الرؤية؛ كما تنتصب القرفصاء بفعل الجلوس.
قوله: (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ):
الصاعقة: فاعلة، بمعنى: مفعلة، وهي ما صعق.
قيل: نار وقعت من السماء.
وقيل: صيحة.
قوله: (وظَللنا عَلَيكمُ الْغَمَام) أي: بالغمام.
والغمام، قيل: جمع غمامة، والصحيح: أنه اسم جنس.
قوله: (وَقُولُوا حِطَّةٌ): وحط عنا حطةً.
قوله: (خَطَايَكُم " أصله: خطائِى، والهمزة الأولى هي المنقلبة عن الياء فى
" خطيئة "، فأبدلت الهمزة الثانية ياء؛ لانكسار ما قبلها، وكراهة اجتماع
همزتين، ثم أبدلت من الكسرة فتحة، فانقلبت الياء ألفًا؛ لئلا يشبه الإضافة، ثم أبدلت من الهمزة ياء فصار: خطايا. هذا مذهب سيبويه.
ومذهب الخليل التحويل - نقلوا
1 / 171
الهمزة الأولى إلى موضع، الثانية، وإنما فعلوا ذلك لتصير المكسورة طرفًا، فتنقلب ياء، ثم أبدلوا من كسرة الهمزة الأولى فتحة، فانقلبت الياء بعدها ألفا، فصارت الهمزة بين ألفين، فأبدلت منها ياء. فاستكرهوا اجتماع ثلاث ألفات ففيها على هذا خصص تغييرات.
تقديم اللام عن موضعها، وإبدال الكسرة فتحة، وإبدال الكسرة فتحة، وإبدال الهمزة الأخيرة ياء، ثم إبدالها ألفًا، ثم إبدال الهمزة التي هي لام ياء.
قوله: (فانْفَجَرَتْ " وقال في الأعراف: (فَانْبَجَسَتْ " والانبجاس: خروجه
قليلا، والانفجار: خروجه كثيرًا.
والجواب أن ذاك الابتداء، ثم تفجر في الثانية.
قوله: (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ): هو على إرادة القول.
قوله نعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا " عرفتم.
قوله: (خَاسِئِينَ): الفعل منه " خسأ "، وهو مطاوع " خسأته "..
قوله: (أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا):
يجوز أن يكون مفعولا ثانيًا على حذف مضاف، ويجوز أن يكون مصدرًا، أي مهزوءًا به.
قوله: (وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ "،: مفعول " شاء " محذوف أي: شاء هدايتنا.
قوله: (لَا شِيَةَ فِيهَا): مثل عِدة، فلما حذفوا الواو من الفعل؛ لوقوعها بين واو وكسرة، حذفوها من المصدر، فوزنه: (عِلة "، والمعنى: الخلط، يقال: وشيت الثوب، إذا خلطت بعضه ببعض.
قوله: (فَادَّارَأْتُمْ "
أصله: تدارأتم، ووزنه: (تفاعلتم، ثم أرادوا التخفيف،
فقلبوا التاء دالا؛ لتصير من جنس الدال، التي هي فاء الكلمة، لئمكن الإدغام، فسكنت الأولى؛ لأجل الإدغام، فصار أول الكلمة ساكنا، فاجتلبت له همزة، الوصل.
1 / 172
قوله: (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً):
إن قيل: لم قيل: أشد قسوة وفعل القسوة مما يخرج منه أفعل التفضيل وفعل التعجب؟.
فيه جوابان: أحدهما: أنه أبين وأدل على فرط القسوة.
الثانى: أن لا يقصد معنى الأقسى، ولكن قصد وصف القسوة بالشدة، كأنه قيل: اشتدت قسوة الحجارة، وقلوبهم أشد قسوة.
ولم يقل هي أشد قسوة؛ لأن معناه وضح.
وقوله: (أَوْ أَشَدُّ): هي كـ " أو " في قوله تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ)، وقد قالوا فيها هناك أربعة أوجه:
أحدها: أنها للشك، وهو راجع إلى الناظر في حال المنافقين، فلا يدرى أيشبههم بالمستوقد أو بأصحاب الصيب، كقوله: (إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) أي: يشك الرائى لهم في مقدار عددهم.
والثاني: أنها للتخيير، أي: شبهوهم بأي القبيلتين شئتم.
والثالث: أنها للإباحة.
والرابع: أنها للإبهام، أي: بعض الناس يشبههم بالمستوقد، وبعضهم بأصحاب الصيب.
قوله: (يَشَّقَّقُ):
أصله: (يتشقق "، فقلبت التاء شينًا وأدغمت، في الشين.
1 / 173
قوله: (الأ أمَانِى):
استثناء منقطع؛ لأنه ليس من جنس العلم.
وواحد الأمانى: أمنية، وأصلها: أمنُويَة، على وزن (أفعولَة)، وما كان على هذا الوزن فإنه يجمع على أفاعيل، وأفاعل.
قوله: (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً):
السيئة: وزنها: فَعيلة مثل سيد وهين -
قوله: (لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ".
أي: قلنا لهم: لا تعبدون. ويقرأ بالياء، وفيه أربعة أوجه:
أحدها: أنه جواب قسم، دل عليه المعنى.
والثاني: أنَّ " أنْ " مرادة، تقديره: أخذنا ميثاق بنى إسرائيل على أن لا يَعْبدوا إلا الله، ونظيره:
ألاَ أيهَذَا الزّاجِرِى أحْضُرا الوَغَى. . .
بالرفع، والتقدير: عن أنْ أحضرَ الوَغَى.
والثالث: أنه في موضع نصب على الحال.
الرابع: أن يكون لفظه لفظ الخبر ومعناه النهي.
1 / 174
قوله: (وَذِى القُربى):
معطوف على اليتامى، وأفرد (ذى)؛ لإرادة الجنس،
وأصله " ذَوَىٌ؛ بدليل قولهم: (ذويان ".
قوله: (واليتَامَى " جمع يتيم، كنديم وندامى.
ولكن جمع " فعيل " على " فعالى " قليل.
قوله: (والمساكين " جمع مسكين، والميم في مسكين زائدة؛ لأنه من السكون.
قوله: (لاَ تسَفِكونَ):
الكلام فيه مثل: (لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ) .
قوله: (من دِيَارِكمْ): الياء منقلبة عن واو؛ لأنه جمع " دار "، والألف في دار " واو " في الأصل؛ لأنه من: دار، يدور، وإنما قلبت ياء في الجمع؛ لانكسار ما قبلها.
فإن قيل: كيف صحت في (لِوَاذا)؟
قيل: لأنها صحت في الفعل، فصحت في المصدر.
قوله: (إِلَّا خِزْيٌ): بدل من جزاء.
قوله: (وَقَفَّيْنَا ".
يقال: قفوتُ أثرَهُ قفوًا؛ إذا اتبعته، وقفيت على أثره بفلان؛ إذا أتبعته إياه.
وقلبت الواو ياء؛ لوقوعها رابعة.
قوله: (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ):
قيل: (عِيسَى): اسم أعجمى، فلا اشتقاق.
وقيل: مشتق من العَيْسِ، وهو بياض الإبل يخالطها شىء من الشقرة.
وقيل: من العِوْسِ، وهو السياسة، فقلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها.
واختلف في وزنه؛ فقال الكوفيون: وزنه (فعْلَى)، وألفه للتأنيث، ولم يحكوا صرفه في النكرة.
1 / 175
وقال البصريون: وزنه (فعْلَى)، وألفه للإلحاق. ولا تكون أصلا؛ لأنها من أحرف لا تكون الواو والياء أصلًا فيها.
وقالوا: لو كانت أصلًا لكان ينبغى أن لا ينصرف في النكرة، وقد سمع فيه الصرف.
و(مَرْيَم): علم أعجمى لا اشتاق له.
وليس بمشتق؛ لأنه لو كان مشتقا لكان مشتقا من رام يريم، فيكون (مَرِيْم) بإسكان الياء، وقد جاء في الأعلام بفتح الياء، نحو: مزيَد، وهو على خلاف القياس.
قوله: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ):
الهمزة للاستفهام جىء بها؛ للتوبيخ والتعجب من حالهم، كأنه قيل: آتيناهم ما آتيناهم، ففعلتم ما فعلتم، ودخلت الفاء للعطف على هذا المقدر.
و" كلما): ظرف وقد تقدم.
قوله: (قُلُوبُنَا غُلْفٌ):
جمع: أغلف؛ كأحْمَر وحُمْر، ونظائره كثيرة.
قوله: (فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ".
" قليلًا): صفة لمصدر محذوف أي: فإيمانا قليلا،
و" ما): زائدة.
وقيل: صفة لظرف، أي: - فزمانًا قليلا يؤمنون.
ولا يجوز أن تكون " ما " مصدرية؛ لأن " قليلًا " لا يبقى له ناصب.
وقيل: (ما): نافية، أي: فما يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا.
ومثله: (قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)، (قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) .
قوله: (جَاءَهُمْ كتَاب "
جاء: يتعدى بنفسه وبحرف الجر، تقول: جئتُه، وجئت إليهِ.
1 / 176
قوله: (أن يكفُرُوا ".
خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر أنْ يكفروا، وفيه أقوال أخَر.
قوله: (بَغيا): مفعول له، وقيل: مصدر.
ومعنى بغيًا: حسدًا، أي: حسدًا لأنْ ينزل الله، أو: على أنْ ينزل الله من فضله الذي هو الوحى.
قوله: (وَمِنَ الذينَ أشْرَكوا):
معطوف على (الناس) .
قوله: (يَوَدُّ أحَدُهُمْ): صفة لموصوف محذوف.
قوله: (أن يُعَمَّرَ): فاعل (بِمُزَحْزِحِهِ) .
قوله: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ):
جواب الشرط محذوف، أي: فليمتْ غيظا.
قوله: (أوَكُلمَا عَاهَدُوا عَهْدًا):
الواو للعطف، وهو عطف على معنى الكلام المتقدم في قوله: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ)، وما بعده.
وقيل: هي " أوْ " التي لأحد الشيئين.
و" عَهْدًا): قال أبو البقاء: (مصدر من غير لفظ الفعل أويجوز أن يكون - مفعولا به،، أي: أَعْطَوْا عَهْدًا، وهنا مفعول آخر محذوف أي: كلما عاهدوكم.
(نَبَذَ) عامل في (كأنهم لا يعلمون) .
1 / 177
(واتبعوا): معطوف على (نبذ) .
قوله: (وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ):
باعوا به، واللام جواب قسم محذوف.
"لَو كانوا يَعلَمُون):
جواب " لو " محذوف أي: لو كانوا ينتفعون بعلمهم، لامتتعوا
من شراء السحر.
قوله: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ):
اللام جواب " لو "، ومثوبة: مبتدأ، (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ): صفة " خير): خبر.
قوله: (مَا نَنْسَخْ):
" ما): مفعول " ننسخ "، على حد (أَيًّا مَا تَدْعُوا)، و(مِنْ آيَة): في موضع نصب على التمييز.
قوله: (أمْ تُرِيدُونَ):
أصْل تريدون: تُرْودُون فنقلت حركة الواو إلى الراء، فسكنت الواو، وانكسر ما قبلها فقلبت ياءً.
قوله: (كمَا سُئِلَ مُوسَى): نعت لمصدر محذوف، أي: سؤالا مثل سؤال.
قوله: (سَوَاءَ السبِيلِ): ظرف.
قوله: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ "
" لَوْ): مصدرية.
قوله: (وَمَا تُقَدموا ".
" مَا): شرطية في موضع نصب بـ " تُقَدموا " و(منْ خَيْرٍ " مثل قوله: (مِنْ آيَةِ " في (مَا نَنْسَح) .
" تَجِدُوهُ): أي تجدوا ثوابه، جواب الشرط.
قوله: (إِلا مَنْ كانَ هُودَا "
" مَنْ " في موضع رفع بـ " يدخل "؛ لأن الفعل مفرغ لما بعد " إلا ".
1 / 178
قوله: (هُودا): جمع: هائد.
قوله: (قل هَاتُوا): فعل معتل اللام.
تقول في الماضي: هاتى يهاتى مهاتاة.
كـ: رامى يرامى مراماة، وأصله: هاتيوا وتقول للرجل: هات، مثل: رام، وللمرأة: هاتى.
قوله: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ): أي: مثل ذلك.
قوله: (أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ):
يجوز أن يكون في موضع نصب بدلا من " مساجد " بدل اشتمال، أو مفعول له. أي: كراهية أن يذكر.
قوله: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ".
هما موضع الشروق والغروب.
قوله: (تُولوَا): مجزوم بـ " أيْنَ "، و(أيْنَ " منصوب بهذا الفعل.
قوله: (بَدِيعُ "، بمعنى: مبدع.
قوله: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ):
قد ذكر ذلك عند قوله: (كذلك. . .) الأولى.
قوله: (يَتْلُونَهُ): حال مقدرة؛ لأنهم لم يكونوا وقت إتيانه تالين له.
قوله: (حَق تلاَوَتِهِ):
" حق): منصوب على المصدر؛ لأنها صفة للتلاوة في الأصل؛ لأن التقدير: تلاوة حقا، وإذا قدم وصف المصدر، وأضيف إلى المصدر، انتصب نصب المصدر.
1 / 179