Икраб Коран
إعراب القرآن لابن سيده
Жанры
والأحسن في هذه الجملة أن تكون مستأنفة لا موضع لها من الإعراب، وأجيز أن تكون الجملة لها موضع من الإعراب: نصب على تقدير كونه صفة للجنات، ورفع: على تقدير خبر مبتدأ محذوف. ويحتمل هذا وجهين: إما أن يكون المبتدأ ضميرا عائدا على الجنات، أي هي {كلما رزقوا منها}، أو عائدا على {الذين آمنوا}، أي هم كلما رزقوا، والأولى الوجه الأول لاستقلال الجملة فيه لأنها في الوجهين السابقين تتقدر بالمفرد، فهي مفتقرة إلى الموصوف، أو إلى المبتدأ المحذوف. وأجاز أبو البقاء أن تكون حالا من الذين آمنوا تقديره مرزوقين على الدوام، ولا يتم له ذلك إلا على تقدير أن يكون الحال مقدرة، لأنهم وقت التبشير لم يكونوا مرزوقين على الدوام. وأجاز أيضا أن تكون حالا من جنات لأنها نكرة قد وصفت بقوله: تجري، فقربت من المعرفة، وتؤول أيضا إلى الحال المقدرة. والأصل في الحال أن تكون مصاحبة، فلذلك اخترنا في إعراب هذه الجملة غير ما ذكره أبو البقاء. ومن: في قوله: منها، هي لابتداء الغاية، وفي: {من مثمرة} كذلك، لأنه بدل من قوله: منها، أعيد معه حرف كقوله تعالى: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها}(الحج: 22)، على أحد الاحتمالين، وكلتاهما تتعلق برزقوا على جهة البدل، كما ذكرناه، لأن الفعل لا يقضي حرفي جر في معنى واحد إلا بالعطف، أو على طريقة البدل، وهذا البدل هو بدل الاشتمال. وقد طول الزمخشري في إعراب قوله: من ثمرة، ولم يفصح بالبدل، لكن تمثيله يدل على أنه مراده، وأجاز أن يكون من ثمرة بيانا على منهاج قولك: رأيت منك أسدا، تريد أنت أسد، انتهى كلامه. وكون من للبيان ليس مذهب المحققين من أهل العربية، بل تأولوا ما استدل به من أثبت ذلك، ولو فرضنا مجيء من للبيان، لما صح تقديرها للبيان هنا، لأن القائلين بأن من للبيان قدروها بمضمر وجعلوه صدرا لموصول صفة، إن كان قبلها معرفة، نحو: فاجتنبوا الرجس من الأوثان}(الحج: 30)، أي الرجس الذي هو الأوثان، وإن كان قبلها نكرة، فهو يعود على تلك النكرة نحو: من يضرب من رجل، أي هو رجل، ومن هذه ليس قبلها ما يصلح أن يكون بيانا له، لا نكرة ولا معرفة، إلا إن كان يتمحل لذلك أنها بيان لما بعدها، وأن التقدير: كلما رزقوا منها رزقا من ثمرة، فتكون من مبينة لرزقا، أي: رزقا هو ثمرة، فيكون في الكلام تقديم وتأخير. فهذا ينبغي أن ينزه كتاب الله عن مثله. وأما: رأيت منك أسدا، فمن لابتداء الغاية أو للغاية ابتداء وانتهاء، نحو: أخذته منك.
{قالوا هذا الذى رزقنا من قبل}، قالوا: هو العامل في كلما، وهذا الذي: مبتدأ معمول للقول. فالجملة في موضع مفعول.
ومن متعلقة برزقا، وهي لابتداء الغاية. وقيل: مقطوع عن الإضافة، والمضاف إليه معرفة محذوف لدلالة المعنى عليه وتقديره من قبله: أي من قبل المرزوق.
وقال بعض المفسرين: معناه هذا الذي وعدنا في الدنيا أن نرزقه في الآخرة، فعلى هذا القول يكون المبتدأ، هو نفس الخبر، ولا يكون التقدير مثل.
وكون الخبر يكون غير المبتدأ أيضا مجاز، إلا أن هذا المجاز أكثر وأسوغ.
ومجيء الجملة المصدرة بماض حالا ومعها الواو على إضمار قد جائز في فصيح الكلام.
وانتصب متشابها على الحال من الضمير في به، وهي حال لازمه، لأن التشابه ثابت له، أتوا به أو لم يؤتوا.
Страница 95