نطاق تجارتهم وصنعوا السفن ، وكان العريش محطا لقوافل بلاد العرب (1) وسائر واردات الخليج الفارسي والهند وأقصى الشرق وأصبحت تجارتهم ممتدة بين اليونان ومصر وسوريا وبلاد النهرين والأرمن والكلدان والهند وبلاد الإنكليز وإسبانيا ، ومهروا في كثير من الصنائع كالصباغة والنسيج ، واستجلبوا بزر الحرير من بلاد فارس وصنعة الزجاج والنقش والحفر وصب الذهب والفضة ، وكانت لغتهم شبيهة بالسامية ومشتقة منها ، وكان قلمهم الهيروكليفي ومنه اتخذ اليونان حروفهم ، وكان لكل أمة ملك يسوسهم ويدينون بدينه ، وكانت سيادة المدائن في صيدا ثم انتقلت إلى صور وكان صاحبها يلقب بملكارات ، وكانت الأمم كل سنة ترسل وفدا إلى صور لعبادة ملكارات ، وكانت الأراضي ملكا للملك يستغلها وينعم بما شاء على من شاء ، وقد كانوا في بدء أمرهم يدينون بالوحدانية جريا على النهج القديم الذي كانت تنهجه الأمم الذين قبلهم قبل أن تتلوث الأديان بالدين الوثني وتنطمس القلوب بعبادة الأجرام السماوية وهياكلها وصورها.
ثم لما كثر اختلاط الأمم بعضها ببعض تولدت الشحناء بينهم واستحكم فيهم حب الغلبة والاستبداد وأخذت الحروب تتداول بينهم وصارت سجية لهم وقوي التحزب والطمع وأخذ القوي يسطو على الضعيف ، واشتدت المشاحنة بين الإسرائيليين والكنعانيين والفلسطينيين ، وتوالت على سورية فتوحات اليونانيين والفرس والأروام إلى أوائل القرن السابع من الميلاد وبه قامت الدعوة الإسلامية وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قيصر الروم إلى الإسلام.
وفي تحف الأنباء : أول من استوطن هذه البقعة ( سورية ) بنو حام بن نوح ، فإنهم كانوا مستوطنين من شط بغداد إلى شط مصر ، وقد كانت فرقة منهم فيها تسمى ( الكيتا ) فسكنت بقعة حمص وحماة وحلب. وأما بنو سام فسكنوا بقعة بغداد والجانب الآخر من الشط ، وأما بنو يافث فسكنوا بقعة الهند والعجم ، ثم إن إبراهيم الخليل عليه السلام لما فر من النمرود أتى بقعة ( حلب ) وسكنها ، ثم جاء بعده بنو آدم بن لوط من بني سام واستولوا على تلك البقعة وأخرجوا منها أولاد حام ومن ثم سميت مملكة الآراميين
Страница 78