الوجه الخامس عشر
أجمع العلماء على أن الاحتلام يحصل به البلوغ في الرجل، ومن الدليل على ذلك قوله تعالى: (وَإذا بَلَغَ الأَطفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَليَستئذِنوا)، وقوله ﷺ في هذا الحديث: (حتى يحتلم)، والآية أصرح؛ فإنها ناطقة بالأمر بعد الحلم، والحديث قد قدمنا مدلول الغاية وأن التكليف بعد الاحتلام، وإنما يؤخذ بدلال المفهوم وبما أشعر به الرفع من وضع القلم عن من سوى الثلاثة. ومن الدليل في ذلك أيضا عن علي ﵁ قال: حفظت عن رسول الله ﷺ: (لا يُتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل) . رواه أبو داود.
والمراد بالاحتلام خروج المني سواء كان في اليقظة أم في المنام بحلم أو غير حلم، ولما كان في الغالب لا يحصل إلا في النوم بحلم أطلق عليه الحلم والاحتلام، ويكون الخروج بغير حلم مدلولا عليه باللفظ إن أطلقنا اللفظ على الأقسام الثلاثة لوجود المعنى في جميعها أو لا يكون مدلولا عليه، ولكن الحلم ثابت فيه إجماعا لمشاركته في المعنى لما دل اللفظ عليه، ولو وجد الاحتلام من غير خروج مني فلا حكم له.
والذي يتعلق بالحديث مما نحن فيه أن قوله: (حتى يحتلم) دليل البلوغ بذلك، وهو إجماع، وهو حقيقة في خروج المني بالاحتلام؛ ومجاز
1 / 67