الرابع: أن يكون المعدود مذكرا غير عاقل من غير الأيام، فإن لم يعطف عليه مؤنث ولا عطف على مؤنث فحكمه حكم العاقل، فتدخل التاء، قال تعالى: (فَخُذ أَربَعَةً مِنَ الطّيرِ)، وإن عطف على غيره أو عطف غيره عليه، كقولك: عندي ست عشرة بين ناقة وجمل أو بين جمل وناقة. قال ابن مالك: فيجعل الحكم لمؤنثهما قدمته أو أخرته إذا انفصل المميز وكان مما لا يعقل. وهذا الحكم فيه نظر؛ لم غلب المؤنث ها هنا؟ ولعله بالقياس على الأيام لاشتراكهما في عدم العقل، وقد غلبت الليالي وهي مؤنثة على الأيام فكذلك هذا، ولنا أن نقول: الليالي إنما غلبت على الأيام لسبقها في التاريخ فأطلق على اليوم بليلته ليلة، ولا كذلك هنا، فليتوقف فيه أيضا.
وهذا البحث مما ينظر فيه وهو خارج عن غرضنا، وإنما ساق إليه التقسيم، وبعد أن كتبت ما كتبت في ذلك وقفت على كلام أبي يوسف يعقوب بن السكيت ﵀ في ذلك فوجدته شاهدا لما قلته، فإنه قال: ونقول: صمنا خمسا من الشهر، فيغلبون الليالي على الأيام إذا لم يذكروا الأيام، وإنما يقع الصيام على الأيام؛ لأن ليلة كل يوم قبله؛ فإذا أظهروا الأيام قالوا: صمنا خمسة أيام، وكذلك: أقمنا عنده عشرا وعشرة أيام، فإذا قالوا: أقمنا عنده عشرا بين يوم وليلة غلبوا التأنيث، وتقول: له خمس من الإبل وإن عينت أجمالا؛ لأن الإبل مؤنثة، وكذلك: له خمس من الغنم، وإن عينت أكبشا؛ لأن الغنم مؤنثة. انتهى ما قاله ابن السكيت.
وهو نص فيما قلته، ألا تراه كيف قال: فيغلبون الليالي على الأيام إذا لم يذكروا الأيام فدل على أن ذلك هو المستند في حذف التاء، وهذا المستند ليس في الرجال ونحوهم من المذكرين، وابن السكيت أحد من وقع الاعتماد
1 / 43