Ибрагим Катиб
إبراهيم الكاتب
Жанры
ولو أنه كان تبعها حين خرجت لسمعها تقول لنفسها: ما أشد غباوته!
الفصل الثامن
«يغمز بعينيه، يقول برجليه، يشير بأصابعه، في قلبه أكاذيب»
1
جاء وقت الطعام فجلسوا إليه في غرفته، أو على الأصح في الردهة الفسيحة التي تحيط بها الحجرات، ولم يكن ثم سوى مائدة مربعة وبضعة كراسي من الخيزران. وكان إبراهيم قد سبقهم ولكنه تلكأ عند باب السلم ووقف - حيث كانت شوشو منذ برهة! - يتأمل الجو ويمد ذراعه ليتلقى بكفه المطر الذي كان لا يزال ينهمر، ويحاول أن يرفع وجهه ليرى السماء وهل رقت السحب فيها أم لاتزال كثيفة حالكة، فنظرت شوشو إلى الدكتور، ونظر الدكتور إلى شوشو وقد طاف برأسيهما خاطر واحد. وقال كل منهما لنفسه: «أتراه رآنا أو سمعنا»؟ وزادت شوشو فعجبت للأقدار التي جعلتها هي تسمعه في الصباح وجعلته هو - فيما تظن - يراها أو يسمعها بعد ساعات!
وقالت نجية: «يظهر أنه لم يجع».
فقالت شوشو، ونهضت عن المائدة: بل يظهر أنه ينتظر المن من السماء.
ومضت إليه وأمسكت بذراعه وجرته معها وهي تقول: هكذا يجب أن تعامل، اجلس هنا!
وكان الدكتور حسن الحظ فقد جلست شوشو إلى جانبه.
وكان من بواعث سروره الحقيقي أو المتكلف أنه أصر على اتخاذ كوب سهت شوشو فشربت منه وإن لم يكن كوبها! وإن القطة التي لبثت هنيهة في حجر شوشو انتقلت إلى حجره وألمسته شعرها الذي لمس كف شوشو من قبل. يضاف على ذلك أنه هم أن يساعده، وحمل إلى طبقها شيئا من الخضر رفضته فنقله إلى طبقه بعد أن كاد يلمس طبقها! وكان من حين إلى حين يختلس نظرة إلى جانب وجهها وإلى جيدها وغير ذلك من بدائع هذه الفتاة التي ظلت أكثر الوقت تلقي الحديث إلى إبراهيم الجالس أمامها. وكانت فاطمة تتوخى أن تقف وراء إبراهيم مخافة أن يراها، وستها شوشو لا تفتا تدعوها أن تنحى عنه لئلا تلوث ثيابه وهي تضع الصحاف أو ترفعها عن المائدة، فتشير المسكينة إلى شوشو بيدها وتعض شفتها السفلى وتومئ بعينها إلى إبراهيم فيضحك منظرها شوشو، ويدير إبراهيم وجهه إلى فاطمة فتجمد وتنقطع حركاتها وإشاراتها وتقول نجية: دعيها يا أختى فإنها مستحية.
Неизвестная страница