68

Ибн Таймия: его жизнь и времена, мнения и юриспруденция

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

Издатель

دار الفكر العربي

اختار الشيخ الحبس، ولكن تلاميذه ومريديه حملوه على أن يختار دمشق.. ملتزما ما شرطوا، ورجوه في أن يقبل ذلك وألحوا عليه، فأجاب رجاءهم فركب خيل البريد في الثامن عشر من شوال سنة ٧٠٧، وما إن غز في السير حتى ألحقوا به في اليوم من رده، وقالوا إن الدولة لا ترضى إلا بالحبس، وكأنهم شعروا أنه إذا ذهب إلى دمشق؛ فإنه سيكون بين أصحابه وأتباعه؛ وعندئذ قد يرد إليهم شروطهم التي أجبروه عليها، فقد أخذت بسيف التهديد.

ولكن الذي أخبره بالحبس هو قاضي القضاة، ويظهر أن القضاة لم يجمعوا على ذلك، ولم يكن بين القضاة زين الدين بن مخلوف الذي كان يميل إلى الغلظة مع أصحاب الآراء الذين يخالفون بها ما عليه الناس، وإليك ما دار في مجلس القضاء.

قال بعضهم ما ترضى الدولة إلا بالحبس.

فقال قاضي القضاة وفيه مصلحة له.

وطلب من شمس الدين التونسي المالكي أن يحكم بما ذكر أن الدولة تطلبه، وكان ذلك القاضي المالكي من طراز غير طراز زين الدين بن مخلوف.

فقال: ما ثبت عليه شيء.

فطلب هذا من نور الدين الزواوي المالكي أيضاً، فتوقف هذا أيضاً، ولم يحر جواباً. وهنا أنقذ الشيخ الموقف وقال أنا أمضي إلى الحبس، وأتبع ما تقتضيه المصلحة. فقال نور الدين الزواوي يكون في موضع يصلح لمثله.

فقيل له: الدولة ما ترضى إلا بمسمى الحبس.

أرسل بعد هذا إلى حبس القضاة، وأذن بأن يكون عنده من يخدمه(١).

٧٢- من هذه المجاوبة والنتيجة التي انتهت إليها يتبين أن العلماء كانوا في صف الشيخ. ولم يرتضوا أن يقدموا من جانبهم على أي أذى يلحقه، بل كانت ألسنتهم

(١) هذه المجاوبة دونها ابن كثير في الجزء الرابع عشر ص ٤٦، ونقلها صاحب العقود الدرية عن البرز إلى ص ٢٧٠.

67