52

Ибн Таймия: его жизнь и времена, мнения и юриспруденция

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

Издатель

دار الفكر العربي

فذهبوا إلى نائب السلطة ليكف حملة الشيخ عليهم، وأن يسلم لهم حالهم فخاطبه في ذلك؛ فقال رضي الله عنه هذا غير ممكن، ولا بد أن يدخل كل أحد من المسلمين تحت الكتاب والسنة قولا وفعلا، ومن خرج عنهما لابد من الإنكار عليه؛ وأنه منكر عليهم أفعالهم مستمر على الإنكار إلى أن يغيروا.

فكان هؤلاء ممن ثاروا وأوغروا الصدور، وحركوا السخائم، وأزعجوا الأمراء بالشكوى منه المرة بعد الأخرى؛ وأثاروا الغبار حوله؛ ولكنه كان مجادلا قوياً مناظرا، فكان يكشف حالهم بحجته الباهرة، وأدلته القاهرة، والعامة معه؛ ولكن لا يريد أولياء الأمر على أي حال أن يكثر هذا النوع من الجدل، وهو قد يؤدي إلى الفتن، فينتهزها حساده لنفث سمومهم.

٥٥- وقد كانت له آراء كثيرة تخالف آراء الفقهاء في العقائد، وقد ابتدءوا يناقشونه في العقيدة الحموية عندما أجاب بها عن أسئلة أهل حماة سنة ٦٩٨، وألبوا عليه بعض الولاة، ولكن كرثت البلاد كارثة التتار ففر الحساد هاربين وصمد لها تقي الدين، وبرز في الميدان، واستمر نجمه يعلو ويضيء في ظلمات الحوادث ومدلهمات الخطوب، وما انجلى الليل، وتنفس الصبح إلا وقد تحرك حسد الحساد، وزاده شدة عظم منزلته؛ وعلو درجته.

وإذا كانوا في مدلهم الخطوب ومعترك الحوادث قد سكتوا فلأن أصواتهم لا تسمع في وسط قعقعة السلاح، ولأنهم إن تكلموا فالولاة عنهم معرضون لا يغضبونه؛ لأنه أجدى عليهم في الحروب من خصومه، والعامة لا يلتفتون إليهم؛ لأنه الكبير في نظرهم، وهو سندهم في الشدائد التي تنزل بهم؛ ثم إن أولئك العلماء وإن أكل الحسد قلوبهم لهم دين وخلق يمنعانهم من أن يثيروا القول فيه، وهو ولا حتى الأعداء؛ ويشد عزائم الأولياء، ويسعى في أمن البلاد، واطمئنان العباد، ويجاهد بقلبه ولسانه ونفسه ليحمي الأمة، ويعلن العدل، ويرد البغاة، لذلك سكتوا حتى استقرت الأمور، وابتدأوا معه الحساب، وأخذوا يحصون عليه القول، ويرمونه بأنه يخالفهم، ويهاجمهم بالمخالفة ويعرض بهم في كل تصرف يتصرفه.

51