وهنا نشير إلى ظاهرة بدت ملحوظة في ذلك العصر، ولكنها أخذت تختفي في هذه الأيام التي نعيش فيها، وهي أن العاطفة الدينية كانت أقوى في ذلك الزمان بكثير جدا من العاطفة الوطنية، بل كانت هذه لا شيء أمام تلك.
وذلك ما يفسر لنا إلى حد كبير ما ملأ ذلك العصر من عداء النصارى للمسلمين والإسلام، في العصر الذي عاش فيه ابن تيمية وما اكتنفه قبله وبعده، بل ما كان من فرحهم وترحيبهم بالفرنج والتتار حين غزوا الوطن المشترك! كما يفسر أيضا موقف الشيعة الرافضة في مصر والشام والعراق وميلهم إلى أعداء الدين والوطن، الغازين الظالمين.
ومهما يكن فنحن نسجل هنا هذه الظاهرة التي استشففناها من أحداث ذلك العصر، ثم نأخذ في الكلام بإجمال عما كان فيه من أحداث، سببها تعدد الديانات والنحل والمذاهب الدينية المختلفة؛ هذه الأحداث التي عاصر ابن تيمية الكثير منها، واستنفدت منه كثيرا من جهده، واستوجبت الكثير من جهاده وكفاحه الديني والسياسي المحمود. (أ)
ونبدأ هنا بالإشارة إلى ما ذكرناه من قبل من مكاتبة الدولة الفاطمية بمصر للفرنج يدعونهم للدخول إلى الشام؛ وذلك ليكونوا حائلا بينهم وبين الدولة السلجوقية التي استولت على الشام كله حتى مدينة غزة، على ما يذكره ابن الأثير وغيره من المؤرخين.
كما نشير إلى موقف ابن العلقمي الرافضي وزير آخر الخلفاء العباسيين ببغداد مع التتار وتيسيره لهم دخول العاصمة كما ذكرنا سابقا؛ بسبب ما كان من عداء شديد بين أهل السنة وشيعته، فكان هذا - كما يؤكد ابن كثير - مما أهاجه على تدبير ذلك الأمر الفظيع؛ يعني دخول التتار بغداد واجتياحهم بلاد الإسلام. (ب)
والإسماعيلية طائفة من الشيعة الروافض
13
الذين خرجوا عن الإسلام بكثير من العقائد التي يذهبون إليها، ولهم في الكيد للمسلمين ؛ أهل السنة والجماعة تاريخ سيئ قبيح مشهور، وبخاصة في الشام. وزعيمهم في أيامنا هذه هو «أغا خان» المشهور، وكان المسلمون يقفون لهم بالمرصاد على مر الزمان والعصور.
ولذلك نجد السلطان صلاح الدين الأيوبي يوقع بهم، ويخرب بلدهم بالشام ويحرقها، ولم يرجع عنهم إلا بشفاعة شهاب الدين الحارمي خاله وصاحب حماه.
14
Неизвестная страница