Ибн Таймия: его жизнь и времена, мнения и юриспруденция
ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه
Издатель
دار الفكر العربي
في عصره، وكانت بيئته تسمح له بأن يتلقى العلم عن رجاله؛ لأن أسرته كانت منصرفة للعلم، فأبوه وجده كانا من العلماء الفطاحل، ولجده كتب في أصول الفقه الحنبلي مبسوطة قيمة، وهو فقيه من فقهائه ذوي القدم الثابتة فيه.
بيد أنه لابد أن نفرض حتماً أن ابن تيمية لم يقتصر في دراسته على العلوم التي تلقاها من شيوخه الذين شافهوه، بل إن التكوين الأكبر لفكره وعقله يرجع إلى ما قرأ وخص، لأنه أتى بجديد لم يكن في شيوخه من يعرفه، ومن له قدم فيه، فتراه درس الفقه كله دراسة مقارنة واضحة، متعرفاً أسراره وغاياته؛ ونراه على إلمام بأصول المذاهب الإسلامية المعروفة بين الجماعة الإسلامية، ونراه دارساً فاحصاً، ثم نرى له تأملات فلسفية عميقة استخرج بها فلسفة الشريعة سائغة سهلة القبول.
وعلى ذلك لابد أن نفرض أنه قرأ كل الثمرات العقلية والفلسفية والدينية التي زخر بها عصره؛ فلابد أن نفرض أنه قرأ كتب الفلاسفة؛ والردود عليها؛ وكتب الغزالي؛ وابن رشد؛ وغيرهما. بل إنا نجد في بعض مناهجه في علم الكلام تلاقياً فكرياً بينه وبين الغزالي أحياناً، لا يمكن أن يكون من محض المصادفة؛ ولا بد أنه اطلع على الرسائل الفلسفية لإخوان الصفا التي حاول أصحابها منحرفين ومستقيمين أن يدرسوا الشريعة على ضوئها، وإنه من المجزوم به أن يكون قد اطلع على المحلى لابن حزم.
وهكذا فهو قد درس كل العلوم الإسلامية التي كانت مدونة، وتضافرت بذلك الأخبار، ثم أخرج مما درس عنصراً حياً قوياً أمد به جيله والأجيال التي جاءت بعده.
ولم يكتف بالدراسة الإسلامية، بل درس غيرها، ولعل أظهر ما يدل على ذلك كتابه القول الصحيح فيمن بدل دين المسيح فإنه يكشف عن كاتب ملم إلماماً بالديانة المسيحية في أصلها، وكما راجت في عصره.
١٠- ومن هنا نجد الصعوبة في دراسة شخصية ابن تيمية العلمية، فإننا
11