Salomon munk (1803-1867)
17
عن بعض المخطوطات، فتبين له أن الفيلسوف الذي يسميه الأوروبيون أفيسبرون
Avicébron
هو نفسه ابن جبيرول، وأنه إسرائيلي وليس من المسلمين ولا من المسيحيين.
وقد كان ابن جبيرول مسبوقا في الثقافة الإسرائيلية بفيلسوف آخر من اليهود نشأ في الفيوم بمصر (892-942)، وتنقل بين مصر وفلسطين والعراق في إبان الدعوة الإسماعيلية وملاحم الجدل بين المتكلمين والمعتزلة، وهم فلاسفة الإسلام الباحثون في مسائل التوحيد والحكمة الدينية، وهذا الفيلسوف الإسرائيلي هو سعديا بن يوسف الذي اشتهر باسم وظيفته جاعون (892-942)، وتتبع مساجلات المتكلمين والمعتزلة فطبقها على الديانة الإسرائيلية، وألف كتابه «الإيمان والعقل» في موضوعات الخلق والتوحيد والوحي والقضاء والقدر والثواب والعقاب وغير ذلك من موضوعات علم الكلام.
وقد كان للفلسفة في المغرب رواد قبل ابن رشد، أشهرهم ابن باجة أو ابن الصائغ الذي توفي سنة 533 للهجرة، إذ كان ابن رشد في الثالثة عشرة من عمره، وابن باجة هو الذي يسميه الأوروبيون
Avinpace
وهو أستاذ أبي الحسن علي بن عبد العزيز الذي رحل إلى مصر بعد موت أستاذه في مدينة فاس، ونقل معه خلاصة من مؤلفاته إلى مدرسة قوص بالصعيد الأعلى حيث مات ودفن، وقد كان ابن باجة على ديدن الكثيرين من علماء عصره جامعا بين الأدب والفلسفة والطب، وقيل إن حسد الأطباء له - ممن كانوا يزاحمونه في بلاط ابن تاشفين بمراكش - أغراهم به، فدسوا له عند الأمير ودسوا له السم في طعامه فمات ولم يكن يجاوز الأربعين، ويعتبر ابن باجة بحق أول رائد لثقافة الإغريق في الأندلس؛ فقد علق على كتب أرسطو وجالينوس، وترجمت تعليقاته إلى العبرية، وترجم إليها كتابه عن تدبير المتوحد وفيه شرح سبيل الوصول إلى الله بالمعرفة والرياضة، ويجمع بين أساليب الحكمة وأساليب التصوف، ويقسم أساليب «التوحد» الذي يعني العزلة، و«التوحد» الذي يعني وحدة الأشباه المشتركين في مطالب الحكمة والفضيلة.
أما بعد ابن باجة فأشهر الفلاسفة هما الزميلان ابن الطفيل وابن رشد، وقد اجتمعا زمنا في بلاط الموحدين، وكان ابن الطفيل أكبر من ابن رشد، ولكنه عاش بعده (توفي سنة 581 للهجرة)، ولم ينكب مثل نكبته، بل قيل إنه كان يأخذ مرتبه مع الأطباء والمهندسين والرماة والشعراء، ويقول كما جاء في كتاب «المعجب في أخبار المغرب»: لو نفق عليهم علم الموسيقى لأنفقته عليهم ...! (3) الحركة الاجتماعية
Неизвестная страница