والراسخون في العلم .
1
إلى أن يقول:
هذا النحو من الظاهر إن كان في الأصول فالمتأول له كافر، مثل من يعتقد أنه لا سعادة أخروية هاهنا ولا شقاء، وأنه إنما يقصد بهذا القول أن يسلم الناس بعضهم من بعض في أبدانهم وحواسهم، وأنها حيلة، وأنه لا غاية للإنسان إلا وجوده المحسوس فقط، وإذا تقرر هذا فقد ظهر لك في قولنا إن هاهنا ظاهرا في الشرع لا يجوز تأويله، فإن كان تأويله في المبادئ فهو كفر، وإن كان فيما بعد المبادئ فهو بدعة. وهاهنا أيضا ظاهر يجب على أهل البرهان تأويله، وحملهم إياه على ظاهره كفر، وتأويل غير أهل البرهان له وإخراجه عن ظاهره كفر في حقهم أو بدعة، ومن هذا الصنف آية الاستواء وحديث النزول؛ ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - في السوداء إذ أخبرته أن الله في السماء: أعتقها فإنها مؤمنة. إذ كانت ليست من أهل البرهان.
ثم قال:
الناس على ثلاثة أصناف: صنف ليس هو من أهل التأويل أصلا، وهم الخطابيون الذين هم الجمهور الغالب، وذلك أنه ليس يوجد أحد سليم العقل يعرى من هذا النوع من التصديق.
وصنف هو من أهل التأويل الجدلي، وهؤلاء هم الجدليون بالطبع فقط أو بالطبع والعادة.
وصنف هو من أهل التأويل اليقيني، وهؤلاء هم البرهانيون بالطبع والصناعة - أعني صناعة الحكمة - وهذا التأويل لا ينبغي أن يصرح به لأهل الجدل فضلا عن الجمهور، ومتى صرح بشيء من هذه التأويلات لمن هو من غير أهلها - وبخاصة التأويلات البرهانية لبعدها عن المعارف المشتركة - أفضى ذلك بالمصرح والمصرح له إلى الكفر، والسبب في ذلك أن مقصوده إبطال الظاهر عند من هو من أهل الظاهر وإثبات المؤول، فإذا أبطل الظاهر عند من هو من أهل الظاهر ولم يثبت المؤول عنده أداه ذلك إلى الكفر إن كان في أصول الشريعة.
فالتأويلان ليس ينبغي أن يصرح بها للجمهور، ولا يثبت في الكتب الخطابية والجدلية.
التصوف
Неизвестная страница