Сын человеческий: жизнь пророка
ابن الإنسان: حياة نبي
Жанры
يفر يسوع مذعورا هو وتلاميذه إلى شرق البحيرة، فيعبر الأردن فيتوجه إلى الشمال حتى سفح جبل حرمون. •••
يقع على ضفة الأردن اليمنى واد واسع خصيب، فيرتفع بالتدريج إلى سفوح الجبل، ويندلق الأردن فيبدو نشيطا في هذا المكان الذي لا يزيد عرضه فيه عن عشرين خطوة، فإذا ما رفع السائح عينيه إلى ذروة التلال وجد فوق رأسه قلعة قيصرية فيلبس الجبارة، والمدينة الجديدة الجميلة المحيطة بها، وليس ببعيد زمن حكمها من قبل فيلبس بن هيرودس؛ زوج سالومة التي أجادت الرقص، فأسفر رقصها عن قطع رأس المعمدان، فلو كان فيلبس حيا، وظلت زوجته سالومة بجانبه؛ لأنقذت حياة يوحنا مع أمور شتى، وما كان يسوع ليجيء إلى هنا على ما يحتمل.
وما كان يسوع ليجهل أن ذلك المكان واقع على حدود إسرائيل في زمن الاستقلال والسلطان، وما كان أي أمير يهودي، حتى داود، ليوسع رقعة دولته إلى ما هو أبعد من ذلك في الشمال. واليوم يسكن الإغريق ومن إليهم من عبدة الأصنام تلك البقعة، ومن هنا يسير النهر الغريب نحو الجنوب بسرعة، ويسوع حين يكون في ذلك المكان فيرجع بصره إلى منبع الأردن يتعقبه بفكره إلى مصبه، فيتمثل ما اتفق له هنالك.
ويسوع إذ أصبح في ذلك المكان في شهر فبراير كان الزمن الذي انقضى بين الأمرين سنة كاملة، وهذه السنة غنية بحوادث أكثر مما حدث له في السنين الثلاثين التي عاش فيها من قبل، وما هو عدد السنين التي ستنقضي بعدئذ؟ أفلا يكون الأردن مع منبعه ومصبه مرآة لحياته؟ لقد ضرب عنق يوحنا.
ويجد يسوع وتلاميذه خلف تلك المدينة المكان الذي يعده أولئك المشركون منبعا للأردن، ويدخل يسوع كهف إله الرعاة، فيرى فيه ما لا يعرفه من ألواح منذورة، وتماثيل رخامية، وكتابات يونانية، فيمر رجل من قيصرية فيلبس فيبصر يسوع وتلاميذه، فيوضح لهم كل ما في المغارة فيقول لهم: هذا تمثال الحورية التي تعيش في الينبوع، وهذه تماثيل آلهة النهر، وذلك تمثال الصدى الذي ينقل الصوت من صخرة إلى أخرى، ويقول لهم: إن جميع ذلك خاص بإله الرعاة الأكبر الذي يملك ما بين الهواء والماء في كل مكان، فيباغته الرعاة نائما عاريا على صخرة وقت الظهر، فيغتاظ تلاميذ يسوع عند سماع ذلك، فيديرون ظهورهم خشية الفتنة.
غير أن يسوع ينظر إلى كل شيء، وينصت مدققا لكل ما يقوله ذلك الوثني الغريب، ثم يخرج ويلحق تلاميذه، فيستلقي الجميع فوق ظل الكهف، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يسمع يسوع فيها حديثا عن التماثيل الإلهية، وإن لم يسمع قبلها شيئا عن إله الرعاة الأكبر؛ صاحب ذلك الينبوع المقدس، ولم يصور إله الرعاة ذلك، فهل هو روح؟ وإذا كان يملك جميع ما بين الهواء والماء؛ فهل من المحتمل أن يكون قد تاه في جبال الناصرة؟
وكيف يستطيع الرعاة أن يروه؟ يسوع راع، وقد سمع أصوات العوسج والهواء والكلأ والشجر من غير أن تتمثل له روح، فأبوه وحده هو الذي يشرف على هذه الأصوات لا إله الرعاة.
مضى وقت غير قصير على الزمن الذي كان فيه قليل الاختبار كتلاميذه، فيا لهم من أغبياء! يا لضعف إدراكهم للأمور! هم لا يكادون يعرفون الذي يتبعون ويطيعون، ومن أين يعرفونه إذا لم يكشف لهم عن حقيقته؟ وهل يمتحنهم؟ لن يعترف به تلاميذه إذا ما ظهر أن الحق الذي أدخله إلى روعه قتل يوحنا هو من عمل الشيطان، ومن يدري أنهم ينكرونه ولو ظهر أن الله مصدر هذا الحق؟ فالله وحده قادر على أن يشرح صدورهم لذلك؛ فهل يفعل ذلك؟
وإن تلك الأمور لتدور في خلد يسوع؛ إذ سألهم: «من يقول الناس إني أنا؟» فلكل جوابه، «فقالوا - قوم: يوحنا المعمدان، وآخرون: إيليا، وآخرون: إرميا، أو واحد من الأنبياء.»
ثم يتباحثون في أي الأجوبة أصح من الآخر، وهل يجرؤ على وضع السؤال العظيم الخطر؟ ألا يعني وضعه طلبا إلى الرب أن يظهر قدرته؟ يكاد هذا السؤال يخرج من بين شفتيه ثم ينطق به على الرغم منه، فيقول: «وأنتم من تقولون إني أنا؟»
Неизвестная страница